كتب أحد الجنود إلى خطيبته يقول لها: إني لفرط حبي لك أكلت ورقة طابع البريد التي كانت ملصقة على غلاف رسالتك لعلمي أنك ألصقتيها بريق فمك العذب، فأجابته: أشكرك على شعائر حبك ولكن من الأسف أن بواب بيتنا العجوز هو الذي ألصق الطابع بريقه حينما أخذ الرسالة إلى البوسطة. •••
الحمام يساعد على إنهاء الحرب: إذا قلنا إن الحمام يساعد على إنهاء الحرب فالقول حق لا غبار عليه؛ لأن هذا الطير الجميل الذي يريد شعراؤنا وأصحاب العواطف أن يخصوه «بالنواح» ونقل مناجاة المحبين كان يقوم هذا الطير بوظيفة مهمة بين مراكز المتحاربين؛ فينقل لهم رسائلهم على متون الرياح هازئا بالمدافع والقنابل والطيارات، وفي نقل الحمام الزاجل للرسائل الحربية ما فيه من الشأن فرب كلمة واحدة ترشد إلى كمين بجيش جرار فتنقذ مئات من الأرواح، والحمام الزاجل أو بالأحرى استخدام الحمام لنقل الرسائل قديم العهد، كان اليونانيون يعرفونه ويمارسونه. ويقال إنهم اقتبسوا ذلك من العجم فكانوا في مسابقات أولمبيا يطيرون الحمام وبأرجله أسماء الفائزين في السبق فيعلم سكان المدن اليونانية نتائج المسابقات، ويقيمون المهرجانات، وكان الماليون وأصحاب المتاجر قبل اختراع التلغراف يستخدمون الحمام الزاجل لنقل أخبار أسعار المحاصيل والبضائع والعمولات ... إلخ كما يفعلون الآن تلغرافيا، وفي أوائل القرن التاسع عشر استخدمت الحكومة الهولندية الحمام لنقل الأخبار الحربية وغيرها في جافا وسومترا، وفي الحرب السبعينية استخدم الفرنسويون الحمام لنقل الأخبار من باريس وإليها، ولا سيما في أثناء حصارها وبعد تلك الحرب أخذت الحكومات والشركات والجمعيات كل منها تنظم فرقا كبيرة من الحمام الزاجل لنقل الأخبار، وتمرنه على إتقان الطيران والسرعة. ولم تستعر نار الحرب العظمى إلا كان لدى كل دولة مصلحة لنقل الأخبار بواسطة الحمام منظمة أحسن نظام ومدربة للأعمال السريعة، وقد بالغت الحكومات في إتقان كتابة الرسائل التي تربط إلى رجل الحمامة الصغيرة وهي تنقل غالبا بالفوتوغرافيا على ورق شفاف يكاد يكون ميكروسكوبيا لشدة صغره؛ بحيث يمكن وضع أكثر من 150 كلمة في مساحة لا تزيد عن مساحة طابع البوستة، ثم يلف هذا الرق ويوضع في أنبوب من معدن الأولومينيوم الخفيف ويربط الأنبوب إلى رجل الحمامة وهو لا يزن أكثر من بضع قمحات، وحينما تصل الحمامة برسالتها إلى محطتها المرسلة إليها يأخذون الرسالة ويكبرونها بالفوتوغرافيا كما يفعلون بصور الفانوس السحري فيحصون على الكتابة ظاهرة واضحة، وفي الأخبار الحربية السرية تكتب الرسائل بعبارات مجهولة أو بأرقام مختلفة يتفق عليها بين الفريقين أو يكون لها مفتاح خاص في شكل قاموس وذلك منعا للأعداء من حل رموزها ومعرفة أسرارها إذا وقعت الحمامة والرسالة في يدهم، وازداد استخدام الحمام في هذه الحرب في نقل الرسائل ولا سيما بين النقط التي ليس فيها محطات تلغراف لاسلكية أو غير مجهزة بالآلات اللاسلكية، كما في كثير من الطيارات والسفن الصغيرة والبواخر التي تحرس الشواطئ، وقد عنيت البحرية الإنكليزية عناية فائقة بحمامها الزاجل.
أما كيفية تمرين الحمام الزاجل فتحتاج إلى خبرة وطول أناة، ويلخص وصفها في أنهم يعنون بتوليد الحمام في أماكن ملائمة لتناسبها، ومتى صار عمر الحمامة ثلاثة أشهر يشرعون في تدريبها؛ فيطيرون سربا من الحمام المتدرب القديم ويطيرون معه حمامتين أو أكثر من الحمام الصغير الحديث ليتعلم كيفية الطيران بالسرعة اللازمة والطريق المطلوب، وللحمام الزاجل حاسة يستطيع بها الاهتداء إلى المكان الأصلي الذي فيه قفصه، فإذا ابتعدوا به عدة أميال عاد إليه حالما يطلقون له عقاله ويتركون له حرية الطيران ولو طال مكثه بعيدا عن مكانه الأصلي، فتمرين صغار الحمام يتم بإبعادها عن «أوطانها»، ثم إطلاقها أسرابا كما سبق القول، وكأن السليقة الحيوانية ترشد هاته الطيور إلى الإخلاص في عملها لأصحابها إخلاصا قد لا يصدقه العقل، ومن ذلك إن حمامة في خدمة الجيش البريطاني كانت طائرة فوق خطوط الأعداء الذين عرفوا أنها طائرة برسالة ذات شأن فصوبوا نحوها بنادقهم وأخذوا يطاردونها، وأصابت إحدى رصاصاتهم جناح الحمامة فانكسرت ضلوعها وسال دمها، ولكن الحمامة تجلدت على ألمها رغم جرحها البالغ، وتمكنت من الوصول إلى محطتها وهي في حال محزنة فتناول ضباط المحطة الرسالة واستفادوا منها الفائدة المطلوبة؛ لأنها وصلت في وقتها وعنوا بالحمامة وبجرها ولكنها لم تشف لكثرة ما سال من دمها وهي طائرة فماتت بعد دقائق قليلة من وصوله برسالتها فتأمل.
وقد نشرت صورتها اللطائف المصورة العربية ومعظم الصحف الإنكليزية مظهرة شجاعة هذا الطير وتفانيه في الخدمة والإخلاص. •••
جلست عائلة في باريس مدة الحرب إلى المائدة لتناول طعام العشاء وكان رب العائلة يوزع الطعام عليها فنسي ابنه الصغير البالغ خمس سنوات ولم يعطه نصيبه وتكرر النسيان فالتفت الطفل إلى والده، وقال أنت كوابور الإكسبريس لا تقف على المحطات الصغيرة. •••
أرسل الألمانيون ضابطا يحمل راية بيضاء إلى الجنرال ليمان القائد البلجيكي ليطلب منه تسليم لياج قبل سقوطها فأبى الجنرال تسليمها، فقال الضابط الألماني: «وكيف تأبى التسليم، وقد قابلني أهل المدينة بالهتاف أسأل هذا الضابط.» وأشار إلى الضابط البلجيكي الذي أوصله إلى لياج فأجاب الضابط البلجيكي: «نعم، لقد هتف الناس ولكنهم لم يهتفوا لك بل هتفوا لي ظنا منهم أنني جئت بك أسيرا.» •••
تقدم شاب إنكليزي إلى أحد مكاتب التطوع في لندن فسأله الضابط الذي فيه عن غرضه فأجابه: جئت متطوعا لخدمة وطني عملا بوصية والدتي فقد قالت لي اليوم صباحا: «إذا بقيت في البيت ولم تذهب إلى الحرب فلست ابني.» وإني وحيدها ولكنها لا تسمح لي بالبقاء في البيت.
قالت الديلي مايل وما يقال في هذه الوالدة يصدق على جميع الأمهات في إنكلترا فإنهن يرسلن أبناءهن إلى الجيش كما كانت تفعل نساء سبارطة في عصور قدماء اليونان. •••
بسالة الفرنسويات: كتب جندي إنكليزي يحارب في فرنسا إلى ذويه في إنكلترا عما شاهد في المعارك التي شهدها ووصف فيه بسالة الفرنسويات أن خير علاج لجروح الشرابنل والرصاص زجاجة خمر وبيضة نيئة، وفي معركة يوم الأربعاء جاءت النساء إلى الخنادق وخطوط النار حاملات البطاطس المطبوخ وهو لا يزال سخنا والخبز الجديد ليطعمن الجنود المقاتلة، وأؤكد لكم أنهن أشجع نساء عرفتهن أو سمعت بهن. •••
تزوجه ابنتها وتطلب المهر: وكتب جندي إنكليزي آخر إلى ذويه يقول: قابلتني امرأة فرنسوية اليوم وقالت لي: إذا قتلت إمبراطور ألمانيا أزوجك ابنتي. •••
نامعلوم صفحہ