ورغب المسيو فيلو أن يوسع دائرة النشر لتعم كل الطبقات ففي 16 فبراير سنة 1915 وجد بعض أعيان ليل على مكاتبهم العدد الأول من مجلة اسمها «الصبر» فيها نحو أربعين صفحة بقطع الربع مطبوعة على الجلاتين فلم يعرفوا من جاءهم بها ولم يطبع منها إلا 250 نسخة في بادئ الأمر.
وفي شهر مارس سنة 1915 تمكن المسيو فيلو أن يأتي بمطبعة أعاره إياها صاحب جريدة «جورنال روبه» فبدأ يطبع عليها «الصبر» تحت طي الكتمان الشديد، وفي شهر فبراير سنة 1916 أصبحت مجلة يومية يطبع منها إلى سبعمائة نسخة.
وفي هذه الأثناء توفق المسيو فيلو إلى طبع مؤلف له علمي جليل سماه «دليل معامل جوزف فيلو الطبي».
وكان موزع المجلة كاتبها ومحررها وصاحبها وهو المسيو فيلو، ولما رأى في عمله رواجا ونجاحا وفائدة رغب فيها غير اسم المجلة فسماها في أوائل يناير سنة 1916 «عصفور فرنسا ».
وتوسل إلى إيهام الألمان أن هذه الجريدة ترميها المناطيد والطيارات الفرنسية فقد ألصق على كل ورقة طابع بريد يمثل طائرا مكتوبا عليه «البريد الهوائي الفرنسوي» ومحل نشره وطبعه «المطبعة الأهلية، فرع الحرب، مصلحة الطيران».
إلا أن كثرة انتشار هذه الجريدة وتداولها بين الأيدي أوقع الظنون في قلوب الألمان فبثوا العيون فجلوا ما غمض من الأسرار فأخذوا القائمون بهذه الأعمال وعوملوا أسوأ معاملة.
وذلك أن جاسوسا ألمانيا اندس في مصلحة الجاسوسية الفرنسوية تعرف إلى الأب بانت فخادعه وخدعه فأوحى إليه ببعض الأسرار عن مصدر المعلومات التي تنتهي إلى «عصفور فرنسا» وعلى أثرها أوقف عدد من الرجال المنسوبين إليه، وبينما كان الأب بانت في أحد سجون بروكسل تقرب إليه جاسوس ألماني متنكر بزي ضابط بلجيكي فاطلع منه على أسرار جديدة وبذلك قضي على أعمال الصحافة السرية الفرنسوية في البلاد المحتلة.
وكان المسيو فيلو قد أحس بدخائل الأمر فأصدر في 18 ديسمبر سنة 1916 عدد الوداع سماه «صوت الوطن» امتدح فيه شجاعة رفاقه الشجعان وجرأتهم الشريفة وفي 19 ديسمبر ألقي القبض عليهم جميعا فأودعوا السجون يقاسون فيها أشد العذاب والآلام وأسوأ المعاملات، إلى أن حاكموهم في 10 إبريل سنة 1917 فحكم على زعماء العمل وهم المسيو فيلو والأب بانت والمسيو دوبار بالسجن والأشغال الشاقة عشر سنوات ونقلوا إلى قلعة رنباخ.
قضوا في القلعة تسعة عشر شهرا، ثم كانت الهدنة فأفرج عنهم. •••
مصانع كروب: يدعى مصنع كروب مخزن جيوش الدول وأساطيلها وهو أعظم مصنع حربي في الدنيا ويتألف من ستين مصنعا كبيرا يصل بعضها ببعض سكك حديد عريضة مجموع أطوالها 40 ميلا عدا 30 ميلا أخرى من سكك الحديد الضيقة في المصانع عينها، وعدد عمال مصانع كروب أربعون ألفا، وعدد الموظفين فيها أربعة آلاف، ولهذه المصانع أيضا عدا ما تقدم عشرة آلاف معدن يستخرجون الفحم من مناجم كروب وخمسة عشر ألف عامل يعملون في مصانع الحديد والفولاذ، وسبعة آلاف في دار صنعة كروب بكيال، وخمسة آلاف معدن يعملون في مناجم إسبانيا، وجملة ذلك 81000 عامل، وهذه المصانع هي في مدينة «أسن» بألمانيا والذي يقترب منها يرى لأول وهلة غابا من المداخن العالية وعشرات من المصانع الكبيرة المرتفعة، وقد قامت حول المدينة كأنها حصون تحدق بها لحمايتها. •••
نامعلوم صفحہ