فقال ابن عباس: أما ظن يونس فإنه ظن لن تبلغ به خطيئته أن يقدر الله بها عليه العذاب، ولم يشك أن الله إن أراده قدر عليه، فهذا قوله: { فظن أن لن نقدر عليه }. وأما قوله : { حتى إذا استيأس الرسل }. فهو استيئاسهم من إيمان قومهم، وظنهم: فهو ظنهم لمن أعطاهم الرضى في العلانية، أنه قد كذبهم في السر، وذلك لطول البلاء عليهم، ولم تستيئس من نصر الله، ولم يظنوا أن الله قد أخلفهم ما وعدهم.
فقال عمر فرجت عني فرج الله عنك.
قال ابن عباس: فإن رجلا لقيني آنفا فقرأ علي قول الله: { ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن } [البقرة:222]. هو يقول حتى يطهرن بالماء، { فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله } [البقرة: 222]، قبلا ودبرا، فقلت: كفى من ذهب إلى هذا التأويل كفرا!! إنما عنى الله تبارك وتعالى حتى يطهرن من الدم، فإذا تطهرن منه بالماء { فأتوهن من حيث أمركم الله } يعني طاهرات غير حيض. فقال عمر: إن قريشا لتغبط بك يا بن عباس، بل جميع العرب، بل جميع أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال خريم بن فاتك الأسدي:
ما كان يعلم هذا العلم من أحد .... بعد النبي سوى الحبر ابن عباس
من ذا يفرج عنكم كل معظلة .... إن صار رسما مقيما بين أرماس
مستنبط العلم غضا من معادنه .... هذا اليقين وما بالحق من باس
وصدق لعمري عمر بن الخطاب إن الأمة لتغبط بأن يكون فيها ومنها، من يجادل أهل الإلحاد في تنزيل الله والكفر بآيات الله سبحانه عنها.
صفحہ 55