وحاصل الأمر [التنبيه على تحري اختيار ذوي التقوى للعمل في العمارة]:
إنه ينبغي أن يكون المباشرة لأعمال هذا البيت من أهل التقوى والصلاح والدين والفلاح لينصحوا في عمله لله ولرسوله، ولا يكونوا من الذين انطمست بصائرُهم بحب الدنيا، فهي مرادُهم ومرامُهم، فأولئك عن الكرامة مبعدون، وينبغي أن يكون كل من المعلمين وعمالهم حالَ العمل في البيت على طهارةٍ عن الحدث الأكبر وجوبًا، وعن الأصغر ندبًا وأدبًا.
وليجتهد مولانا السلطان في أن يكون ما يعمر به مالًا حلالًا خالصًا من غصب وسوء معاملة كرِبًا، وغش، وخديعة، فإن كان من أموال الجزية الخالصة من الظلم والحيف فهو مالٌ حلالٌ طيب، وكونُ المال المأخوذ من الذمّي لا يُعَلمُ حالَ طريقِ وصولِه للذمّيِّ لا يضر، لأن الأصلَ الحلُّ ما لم يُعلَم وصولُه إليه بطريقٍ حرامٍ فيبقى على حرمته، لأن الأيدي المترتبة على الغصب غاصبةٌ، والشَّرعُ لم يكلّف بالتنقيبِ ولا البحثِ عن بواطِنِ الأُمور، والله المستعان.
[ما ينبغي فعله عند الهدم من وضع الساتر ونحوه ..]:
وإذا هُدِمَ البيت، فعلى متولّي العمارة أن ينصبَ أخشابًا مطبقة بقدْر البيت، ويصنع عليها الساتر كما فعل ابن الزبير ﵁ وقت هدمه له، كما في "صحيح مسلم" (١)، وكان ذلك بإشارة ابن عباس ﵄، كما ذكره الأزرقي في "تاريخه".
وفيه: أن البُنَاةَ كانوا يبنون من وراء الستر والناس يطوفون من خارج، انتهى (٢).
_________
(١) تقدم ذكر رقم الحديث وموضعه مرات.
(٢) ينظر: "تاريخ الكعبة"، لباسلامة: ٥٦.
1 / 76