نقل سے تخلیق تک (جلد دوم تبدیلی)
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
اصناف
257
ويبرز البعد الإلهي في السماع الطبيعي في النهاية واللانهاية المقولين في المكان والزمان وغيرهما. فقد عظم بعض القدماء اللانهاية وقال إنه هو الله تعالى والمبدأ الأول. وفي مبحث الزمان يذكر قول البعض إن الدهر هو الله ونسبته إلى متبدلات خلقه هو الزمان، وقول آخرين إن الزمان هو أول ما خلق الله في الأزل، وهو صانعه وفاعله ولا يتقدم عليه إلا بالذات لا بالزمان. ولا يعارض أبو البركات القول بأن الله هو الدهر في التسمية الوضعية الذاتية والنسبية؛ إذ لا معارضة في الأسماء. وتختلف صفات الناس وأفعالهم على درجات؛ فمنها ما ينحط إلى درجة الحيوان ومنها ما يرتفع إلى درجة الملائكة مثل الأنبياء والأولياء والزهاد والعلماء، ولهم عجائب الصنائع ووثائقها وغرائب التدابير ومحاسنها. وفي النفس، في موضوع وحدة النفوس الإنسانية أو كثرتها بالشخص أو بالنوع يظهر موضوع النبوة التي اعتبرها الحكماء خاصية لنفس شريفة. وفي فصل «في خواص النفوس الشريفة من النفوس الإنسانية ونوادر أحوالها» يضرب المثل بنفوس الأنبياء أصحاب الهداية والرواية، والرسل بين الله وخلقه مبشرين ومنذرين، معلمين ومبصرين، مجرين المعجزات بقدرة الله التي يخص بها الأرواح والملائكة، ومعهم كتاب أو صحيفة من صحائف الوجود، وأم الكتاب يضم علم الله المسبق يقرؤها ذوو الأبصار باللسان والقلب والعين، لا غلط فيه. شواهدها صادقة. وحذر سليمان من الكتب المصنوعة من الخواطر وأمالي الأوهام والصناعات الإنسانية طويلة العمر قصير كما قال بقراط.
258
ويضيف أبو البركات مادة جديدة في المقالة الخامسة عن الحيوان والنبات فصلا أخيرا، الفصل الثاني عشر في الجن والأرواح معترفا بنهاية كتابي أرسطو وإضافة هذا الجزء بناء على سؤال «رفيقي أيده الله» نظرا لأن القائلين بهم أدخلوهم في زمرة الحيوان، ورأوهم نوعا مقابلا لنوع الإنسان وجوزوا ذلك بالنظر الحكمة بينما نفاه الآخرون وبالتأمل الحكمي الصادق وشواهد التجارب والاعتبارات من الآثار والأخبار فافترق الناس فيه بين الإثبات والنفي والتجويز.
ويجيب أبو البركات الصديق السائل بداية بتحليل مصادر المعرفة. الأول الوحي والنبوة المخبرة بوجودهم على ألسنة الأنبياء والحكماء والمرويات في الكتب والأخبار. فقد أخبر الأنبياء بوجود أشخاص لا تدركهم الأبصار تتشكل على ألوان يجوبون الفضاء والأرض ظاهرها وباطنها، يفهمون ويتكلمون ويتناجون ويخبرون ويتذرون يبشرون ويحذرون، يؤمنون ويكفرون. والثاني الحكماء والنظار مثل أفلاطون وشيعته عن طريق القسمة العقلية وكأن القسمة الذهنية تتطلب بالضرورة الوجود الواقعي؛ فالحيوان إما ناطق غير مائت وهم الملائكة وسكان السموات، وإما ناطق مائت وهو الإنسان، وإما مائت غير ناطق وهو الحيوان، السباع والبهائم، وناطق غير مائت وهم الجن. والثالث المشاهدة والرؤية والأخبار الموثوق بها، وتنتهي إلى مثل ما يقول به الأنبياء بالإضافة إلى أنهم يدخلون في أبدان الناس ويتصرفون فيها تصرف الأرواح التي خلقت لها، ويخبرون أرواحها الخاصة بها، ويخبرونها وينفعونها، ويمرضون الأبدان ويشفونها ويعطلونها. قال ذلك بعض الحكماء الذين يقولون بالعزائم والرقي والتنجيم والرؤيا.
259
ويتحقق أبو البركات من صدق هذه الآراء الثلاثة. ويقبل الرأي الأول الذي يقوم على الوحي والنبوة. وهو رأي بعض الحكماء أيضا دون تأويل حتى ولو أشكل الجواز والتعليل، ويناقش كلام الحكماء، أفلاطون وشيعته، يتأمله ويعارضه ويسأل عن جوازه وامتناعه أو وجوبه وعن كيفيته ولميته. وهو لا يختلف عن الرأيين الأول والثالث إلا في طريق الإثبات، القسمة التي توجب تطابق عالم الأذهان مع عالم الأعيان.
وإذا كان عيب العرض غياب الدلالات والاكتفاء بإعادة بناء العلم الوافد من وجهة نظر الموروث اعتمادا على العقل الخالص مع نوع من البرودة والحياد والخالي من التجارب الشخصية فإن هذه الدلالات تكثر في العلم الإلهي مكان التعشيق بين الوافد والموروث. ويتكون الجزء الثالث «العلم الإلهي» من مقالتين بلا عناوين وتتضمن كل منهما عدة فصول. ويضم أيضا علم الطب والأخلاق أي البدن والنفس لما كان موضوع النفس هو الحلقة المتوسطة بين العلم الطبيعة والعلم الإلهي. ويسمى أيضا إلهيات، من إله وليس من الله.
260
والعلم الإلهي هو العلم بالموجود بما هو موجود. ويسمى الفلسفة الأولى. وموضوعه الله وملائكته، صفاته وأفعاله وأسماؤه وكأننا في علم الكلام. وهو نفس مفهوم العلم الطبيعي، الزمان والمكان، والجوهر والعرض، والصورة والمادة، والعلة والمعلول مما يدل على أن العلمين علم واحد كما لاحظ الفارابي في إحصاء العلوم واضعا العلم الطبيعي والعلم الإلهي في نفس العلم. وأهم موضوع فيه قدم العالم وحدوثه، الموضوع الشهير بين المتكلمين والفلاسفة والصراع بين القدميين أنصار القدم والحدثيين أنصار الحدوث. القدميون هم الدهرية الذين سموا الحدثيين معطلة لتعطيل الله عن وجوده.
نامعلوم صفحہ