151

نقل سے تخلیق تک (جلد دوم تبدیلی)

من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)

اصناف

242

وإذا كان بنو إسرائيل قد سكنوا الشام فإنهم استطاعوا احتواء حكمة اليونان. فقد استولى سليمان على خزائن الأمم ونقلها وضمها إلى الوحي. فالوحي له مصدران: إلهي وإنساني، ديني ودنيوي. يختلط الوحي بالحكمة والدين بالفلسفة ليس فقط في العقل، بل أيضا في التاريخ. فعلوم إسرائيل أيضا مستمدة من أنبيائهم مثل سليمان والتي أخذها من باقي الشعوب ونقلها إلى العبرانية وإلى الشام. فالحضارات متصلة بعضها بالبعض الآخر. وقد بحث الحكماء في النفس قبل نزول التوراة والإنجيل والقرآن بقلوبهم وقرائحهم. وصنفوا في ذلك الكتب الفلسفية. فالحكمة مصدر أول قبل الشريعة. ثم تم تدوين الكتب الإلهية، ووضع النواميس بالتأييد الرباني وهي أشرف صناعة. معرفة البشر الحقائق إذن من الوحي وكتب الأنبياء أي من الماضي القريب أو من كتب الحكمة قبل الأنبياء منذ آدم أي من تاريخ البشر. ولا تعلم أخبار العالم قبل آدم إلا من النقل، وظيفة القصص إذن إذكاء الوعي التاريخي والبحث عن مصادر المعرفة الإلهية والإنسانية.

ويعتمد الإخوان على تاريخ الأديان ليس فقط قصص الأنبياء بل أيضا الكتب المقدسة في ترجماتها العربية القديمة. ويذكرون التوراة والإنجيل رجوعا إلى المصدر الأول للوحي بعد أن استولى الظلمة على آخر مرحلة فيه، القرآن، واحتكروا تفسيره، ومن ثم جعل الأول ضد الأخير والعودة إلى جذور الوحي لزعزعة استحواذ الحكم الظالم على القرآن. القرآن ليس حالة خاصة بل هو استمرار لوحي تحرري طويل. كل مرحلة سابقة تقترن بالمراحل اللاحقة، وكلها تعترف بمرحلة القرآن آخر المراحل، وتتنبأ بقدوم محمد آخر الأنبياء. ومع ذلك شك النصارى واليهود في نبوته لما رأوا أنه جمع بين النبوة والملك. وكثيرا ما تذكر القصص والأمثال والمواعظ والعقائد والأخلاق في التوراة والإنجيل تأكيدا على وحدة الوحي. وأحيانا تستعمل التوراة وحدها واتفاقها مع القرآن في موضوعات كثيرة مثل التوبة.

243

وتذكر أقوال مأثورة تتفق عليها الأديان جميعا دون صحة تاريخية أو نسبة إلى مصدر معين وسط الآيات. الغاية منها أثرها وليس مصدرها، وأحيانا تعزى إلى صاحبها موسى أو كتب الأنبياء على العموم أو الخبر على الإطلاق أو كما قيل أو المثل السائر. والبعض منها على لسان الحيوان رمزا على أهواء البشر وتعبر عن حكمة الشعوب، تجمع بين الفلسفة والدين، والحكمة والشريعة. ويستدعي القرآن آيات من التوراة والإنجيل، فالحقائق واحدة في كل الأديان مثل تسخير الطبيعة وطلب المسيحيين من الحواريين الاستعداد للقتل والصلب دون مراعاة للصحة التاريخية والانتقال من الرواية المعنوية (القرآن) إلى الخبر المباشر (الإنجيل). والإشارة إلى صحف إبراهيم وموسى نوع من القراءة التراجعية بحثا عن الأصول.

244

وتذكر خصال النبوة في الكتب الثلاثة وإجراء السنة في الشريعة، وبيان الحلال والحرام، وتفصيل الحدود. وقد يختار من التوراة الألحان الداودية أو مزامير داود التي تقرأ مثل القرآن والإنجيل. فالتوراة مصدر للعلم عند اليهود. وأحيانا يذكر الإنجيل بمفرده. وتستعمل أقوال المسيح من القرآن بالعربية في معانيها وليس بألفاظها لأن المسيح لم يتحدث بالعربية لأنها مختصرة للغاية قاصرة على الدلالة. وقد تكون قراءات إسلامية أو رواية إسلامية لأقواله.

وقد يذكر القرآن مع كتب النصارى؛ أي الإنجيل فيما يتعلق بذكر الشياطين وأفعالها مع المسيح. وقد يستعمل الإنجيل وحده. فالنصارى لهم كتاباتهم المستقلة. وقد تأتي من القرآن. فالقرآن مصدر لأقوال المسيح دون مجادلة أهل الكتاب. نصف أقواله من القرآن والنصف الآخر من الإنجيل ودون تمييز بين النوعين من النصيين من حيث الصحة التاريخية. فالمهم هو الاتفاق في المعنى وهو أكبر ضمان للصحة.

245

ويستعمل الإخوان نصوص القرآن في نقد اليهود من أجل إعطاء العظة والعبرة مثل طلب الله التوبة من اليهود، وانتصار الحواريين للمسيح، وتحريف الكتب المقدسة ونقد أخلاق العهد الخاصة، فالأرض يرثها عباد الله الصالحون. وقد تنسخ الشرائع بسبب تحريف البشر لها وعدم حفاظهم عليها والتلاعب بها طبقا للأهواء. ويكفر اليهود، مثل الخوارج، المخالفين ويستحلون دماءهم على عكس الإخوان. وينتقل تاريخ البشر من الوحدة إلى الكثرة كما هو الحال في تاريخ الفرق الإسلامية، وفي نهاية الرسالة التاسعة عن تهذيب الأخلاق بعد اتفاق الآيات والأحاديث تأتي التوراة والإنجيل فتمثل فصلا بأكمله في حسن التكليف مع موسى أولا ثم المسيح ثانيا. مصادرها من التوراة أو الإسرائيليات أو من الإخوانيات إذ تتسم بنفس الطابع الإشراقي بين موسى الصوفي والله. فلا فرق بين رسالة محمد وموسى والمسيح. ومع ذلك يظل السؤال قائما: لم الخلق؟ وهو سؤال الملحد، سؤال الصلاح والأصلح. وقد حج آدم موسى مثل محاجاة الشيطان لآدم في كتب الفرق.

نامعلوم صفحہ