نقل سے تخلیق تک (جلد دوم تبدیلی)
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
اصناف
وهو التصور الجامع للفلسفتين، أفلاطون وأرسطو أي الجانب العملي الأخلاقي وليس الجانب النظري الفلسفي، في العمل يلتقي النظر، وفي وحدة السلوك تلتقي الآراء المتعارضة، وهو درس في أصول الفقه القديم، وحدة العمل وتعدد النظر. والعنوان خادع فموضوعه أقرب إلى «إحصاء العلوم منه إلى التنبيه على سبيل السعادة». هو ضم للمعارف الفلسفية كلها، الرياضيات والطبيعيات والعلم المدني دون المنطق؛ لأن المنطق يكتفي بالعرض النسقي العقلي لهذه العلوم. وإذا كان «التنبيه على سبيل السعادة» هو انتقال من المنطق إلى الأخلاق فإن «تحصيل السعادة» هو انتقال من الأخلاق إلى السياسة، من الأخلاق الفردية إلى الأخلاق الاجتماعية أي إلى العلم المدني الذي برع الفارابي في تأسيسه.
30
ويبدو أنه متقدم في التأليف نظرا لغلبة أسلوب الكندي عليه، والحديث عن العلل الأربعة ببراهين لم، وهل، وماذا، ولماذا، كما يفعل الكندي في براهين اللمية والهلية. وهناك كثير من التكرار والإسهاب والإضافة والعودة إلى نفس الفكرة وكأن غاية العرض الشرح والتوضيح إلى أقصى حد. والعرض واضح لكن ينقصه التركيز.
وبطبيعة الحال لا يظهر إلا الوافد. فالعرض الكلي للوافد وليس للموروث، وإن كان الموروث هو الأساس اللاشعوري في عرض الوافد مثل الحديث عن الإقناع والتخييل والإمام والتشريع. ويأتي أفلاطون في المقدمة مع الإحالة إلى «أطيماوس» قبل أرسطو ثم أرقليطس. ويذكر اليونانيون ثم العرب ثم الكلدانيون (أهل العراق) وأهل مصر والسريانيون والقدماء.
31
ويظهر أفلاطون في النهاية وليس في البداية بمناسبة تأديب الصبيان ومحاكاة المعقولات للمحسوسات في «طيماوس» وشرائط تعلم الفلسفة في «السياسة»، وصورة انطفاء النار تدريجيا عند هرقليطس التي يضرب بها أفلاطون المثل على تبخر الفضائل تدريجيا إن لم تتم ممارستها عمليا، وأفلاطون وأرسطو ممثلا الفلسفة اليونانية. ولا يظهر الموروث إلا في تحليل لفظ إمام في لغة العرب.
ويبدأ بقانون عام للإنسانية كلها وهي أن الأشياء الإنسانية التي إذا حصلت في الأمم وفي أهل المدن حصلت بها السعادة الدنيا في الحياة الأولى والسعادة القصوى في الحياة الأخرى. وهي أربعة أجناس: الفضائل النظرية، والفضائل الفكرية، والفضائل الخلقية، والصناعات العملية بالرغم من صعوبة التفرقة بين النظرية والفكرية. الفضائل الفكرية والصناعات العملية أكثرها إسهابا. وهي متداخلة يصعب التمييز بينها بحدود فاصلة لأنها تترتب فيما بينها في علاقة الرئيس بالمرءوس، والشارط بالمشروط، أعلاها النظرية ثم الفكرية ثم الخلقية ثم العملية في النهاية التي تتراوح بين الفضائل والصناعات.
الفضائل النظرية أولا هي العلوم وغايتها القصوى معرفة الموجودات معرفة عقلية. وهي نوعان؛ العلوم الأولى التي تحصل مباشرة دون توسط، والعلوم التأملية التي تحصل عن تأمل وفحص واستنباط وتعلم وتعليم العلوم الأولى هي مقدمات العلوم الثانية المجهولة التي تصبح معلومة بعد الفحص والاستنباط فتصبح نتائجا.
وغاية طلب العلم حصول اليقين، كله أو بعضه وإلا فالظن والإقناع. قد يحصل تخيل فيه أو ضلال فيظن معرفته. وربما عرضت فيه حيرة إذا تكافأ النفي والإثبات. وسبب ذلك اختلاف طريق المعرفة تبعا لتباين موضوعاتها؛ ومن ثم اختلاف تصوراتها وآرائها. قد يتم اختيار طريق في موضوع غير ملائم والوصول إلى اعتقاد غير سليم، وكلها طرق صناعية تحتاج إلى علامات وفصول للتمييز بينها وإن تكون القرائح العملية المفطورة بالطبع قادرة على إعطاء صناعة تعطي علم هذه الإدراكات إذا كانت الفطرة غير كافية في تمييز هذه الطرق، والتيقن بشروط وأحوال المقدمات الأولى وترتيبها حتى يتم التوصل إلى الحق نفسه واليقين فيه أو بشروط وأحوال وترتيب آخر يوقع في الضلال أو الحيرة أو بشروط وأحوال وترتيب ثالث يؤدي لا إلى الحق نفسه بل إلى خياله ومثاله. فإذا تم التعرف على طرق المعرفة سهل بعد ذلك التعرف على موضوعات المعرفة إما بالتعلم والفحص الذاتي أو بتعليم الآخرين لنا، بالدراية أو بالرواية، بالرأي أو بالأثر كما يقول القدماء.
والمعلومات الأول في كل جنس من الموجودات فيه الأحوال والشروط التي تؤدي إلى الحق اليقيني، تكون مبادئ التعليم له . وإذا كانت للأنواع التي يحتوي عليها الجنس تكون مبادئ الوجود. فمبادئ التعليم هي نفسها مبادئ الوجود، وكأن الفارابي هنا يوحد بين الاثنين. وتسمى براهين تلك المعلومات براهين «لم» الشيء إذا كانت تعطي أسباب العلم بالإضافة إلى «هل» الشيء موجود. وتكون مبادئ العلم هي مبادئ الوجود. فإن لم تكن أسبابا له تمايزت مبادئ العلم عن مبادئ الوجود، وتكون البراهين حول «هل» و«أن» وليس براهين «لم» الشيء. فالسبب هو الذي يوحد بين المعرفة والوجود وكان الفارابي هنا يضع أسس التفكير العلمي.
نامعلوم صفحہ