نقل سے تخلیق تک (جلد دوم تبدیلی)

حسن حنفی d. 1443 AH
115

نقل سے تخلیق تک (جلد دوم تبدیلی)

من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)

اصناف

فبعث الله النبيين ، وبعث الأجساد الميتة وحشرها

أئنا لمبعوثون ، وبعث النفوس الجاهلة من الغفلة، تدرجا من المعنى الحسي إلى العقلي إلى الروحي. ومعنى الدين في لغة العرب الطاعة التي تبين من خلال الأوامر والنواهي؛ أي الشريعة. ويتم شرح الشعر أيضا لغويا. فالأخيار يسبحون الله بالليل. فهم أحياء عندهم وإن كانوا أمواتا. والأشرار موتى عند الله وإن كانوا في الدنيا أحياء. وكذلك يطلق السحر في اللغة العربية على البيان والكشف عن حقيقة الشيء وإظهاره بسرعة العمل أو الأخبار عما يكون قبل كونه، والاستدلال على ذلك بعلم النجوم وموجبات أحكام الفلك أو الكهانة والزمل والفأل أو سرعة البيان وإقامة الدليل والبرهان. ويعبر بالأسلوب العربي وضرب المثل بزيد وعمر وخالد وموسى وعيسى على صلة الشخص بالاسم أو المتقدم بالمتأخر.

80

وتختلف لهجات العرب كما تختلف كل اللهجات. وهو اختلاف مقبول إنما الاختلاف المذموم في الآراء والديانات والمذاهب التي ظهر الإسلام ليوحد بينها، واللغة العربية أتم اللغات. لذلك لا يمكن النقل من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى لاختصارها وإيجازها. ثم يدرس الإخوان نشأة اللغة العربية وتطورها. فأول من نطق بها يعرب بن سام. ثم اتسعت عبر الزمان وتزايدت بتزايد العرب وانتشارهم في الأرض بحسب اتفاقات في مواليدهم وبقائهم وأمزجتهم وطباعهم وأبدانهم وهويتهم حتى تعددت في القبائل ووقع الاختلاف في الأسماء للشيء الواحد فنشأ علم العربية. هذه الحكمة الإلهية في خلق الموجودات وتسميتها سبب نشأة اللغات. يجمع الإخوان بين نظريتي التوقيف والاصطلاح في أصول الفقه. ومن عجائب اللغة العربية هو هذا التعدد في اللهجات والوحدة في اللغة، التعدد في الأعراف والشريعة واحدة، التعدد في القراءات والمعنى واحد، على عكس باقي اللغات التي يغلب فيها التعدد على الوحدة في اللغات والآراء والديانات. ونظرا لتباعد العرب بين البدو والحضر تباعدت اللهجات حتى احتاجت إلى البيان والإيضاح. الخمسة أيام من الأحد إلى الخميس في اللغة العربية واحدة. الاختلاف منفعة من أجل الفهم والإيضاح عما دعت إليه الحاجة في أمور الدين والدنيا وكان الإخوان يشرحون

وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا . واختلاف الألسنة والألوان عامل إيجابي لتأكيد الوحدة من خلال الاختلاف.

81

ويتم شرح آراء الحكماء بالشعر العربي وهو أكثر حضورا من الفلسفة، تركيبا للوافد على الموروث. يستشهد به على مغادرة النفس البدن كما فعل ابن سينا في القصيدة العينية ولتهييج النفوس وتشجيعها على الحرب ووضع الحروب ومدح الشجعان، وقد يكون الشعر عربيا دون تحديد وقد يكون محددا بشاعر مثل البسوس التي كانت أشعارها سببا لإثارة القتال بين قبيلتين، إثارة للضغائن، وتحركا للنفوس، وفي استشهاد الحسين. وهناك شعر يشجع على الإقدام والفروسية. ويتم الاستشهاد بالشعر على العشق باعتباره جنونا إلهيا لا علاج له إلا بالدعاء والصلاة والصدقة مثل شعر عمرو بن حزام ومعظم الأشعار في النفس، علومها واعتقاداتها وعاداتها، والكلام النفسي في مقابل الكلام اللفظي والحرفي (الخطي)، وخلودها وانتقالها من حال إلى حال. ويضرب المثل بالشعر على لذة العاشق بالمعشوق. تسره رؤيته وتؤلمه خيانته، لا فرق بين الآلام الجسمانية والروحية. بعض الاعتقادات والآراء مؤلم للنفوس ومحير ومشكك لها. العشق عند بعض الشعراء شد الشوق إلى الاتحاد كما قال ابن الرومي، وازدياد الشوق يوما بعد يوم. كل نفس إذا أحبت شيئا اشتاقت إليه وطلبته وعرضت إليه، وفي العشق تنبيه للنفس من غفلتها وإيقاظ لها من نومها وجهالتها. فتستريح النفس من عنائها ومقاساة صحبة غيرها، وتخلصت من السقام الذي يعرض لعاشقي الأجرام ومحبي الأجسام كما وصف الشعراء. وإذا ابتليت الأنفس بعشق آخر ومرت بها الأهوال والمحن ولم تنتبه إلى نفسها فإنها تظل غريقة في عمائها. سكرى في جهالتها كما قال امرؤ القيس. ويضرب المثل بالشعر العربي في مدح الخيل في القتال ومدح الفارس وإقدامه وصبره على الطعن والبراج. وتفسر أقوال الحكماء بالشعر العربي شرحا للوافد بالموروث. والعروض ميزان الشعر العربي وهو ثمانية مقاطع فيه تمثل قوانين العروض وأصوله والتي فيها يركب الغناء العربي في ثمانية أنواع هي مفاعيل أشعار العرب. لم يذكر الإخوان مؤلفات الكندي أو الفارابي إما لأن مؤلفاتهم كانت سابقة عليهم أو ربما إغفالا لها لانتباههم إلى الوافد. وتتقابل اللغة والشعر والجنان وحملة العرش والثيران في العدد ثمانية، وقوانين الألحان العربية أو الغناء العربي ثمانية. هناك صلة إذن بين اللغة والموسيقى والشعر والأخلاق. ولما كانت اللغة العربية أتم اللغات فإن الأخلاق الناشئة عنها أكمل الأخلاق وتهذيبا للنفوس. ولا يعرف الأخيار إلا الأخيار كما قال الشاعر. ويشارك في الشعر ليس فقط الشعراء بل الحكماء.

82

ويضرب المثل بالشعر العربي على الكمال الإلهي للواحد القهار العزيز الغفار الشديد العقاب ويخص بالذكر أمثلة من الفيطوري الميمون المبارك في تسبيحه والهزاردستان اللغوي الكثير الألحان في غنائياته. وتتفاوت هذه الأشعار بين ما هو معروف مثل وصف امرؤ القيس لجواده في القتال وما كان معروفا في عصره وأصبح أقل شهرة عبر التاريخ. وقد يكون الشعر منسوبا إلى صاحبه وقد يكون غير ذلك من وضع شاعر أو ربما من وضع الإخوان. ويستشهد بالشعر في عدة مقاطع متتالية في وعظ بني آدم وتذكيرهم بملوكهم الماضية والأمم السالفة واعتبار ما هو أبقى كما يفعل الصوفية. ويضرب المثل بأبيات شعرية عديدة ضد الاستغراق في شهوات الدنيا ونسيان الآخرة، وتحذيرا من الوقوع في الظنون والشك والحيرة جزاء لهم على تركهم وصية الله ووحي الأنبياء واتباع العلماء والحكماء فيما يدعون إليه ويرغبون فيه من نعيم الآخرة ويأمرونهم به من الزهد في الدنيا والنهي عن الغدر بشهواتها. ويستشهد بالشعر على أن تحقيق الوعد وخلاف الوعيد كرم وصفة رحمة وإشفاق وسماحة وإنعام. وهي من الخصال الحميدة التي تليق بفضل الله ورحمته وكرمه وإحسانه. بل يظهر الشعر في الأحلام بالسريانية والعربية. وينقد الإخوان تجربة انتظار الخلاص على يد المهدي مع التمني بالمجيء والاستعجال للظهور ثم يموت المنتظر حسرة إذا لم يظهر الإمام ولم يعرفه. فالخلاص عن طريق النفس وليس عن طريق الإمام انقلابا للتشيع من الخارج إلى الداخل. ومهما تغيرت الأجسام فإن النفوس لا تتبدل، وتظل النفس في رؤيتها ومشاهدتها بعين الحقيقة وهي ألا ترى أحدا في الدارين غير الله. كما ينقد الإخوان من يقول من الشيعة إن الأئمة يسمعون النداء ويجيبون الدعاء، وينقدون من يقول باختفاء الإمام المنتظر خوفا من المخالفين مع أنه ظاهر بين أيديهم يعرفهم وهم له منكرون كما قال الشعراء.

83

نامعلوم صفحہ