أن الحد حد لنوع كل واحد من تلك الأشخاص فقد صادرت على المطلوب الأول فلم يبق إذا للاستقراء وجه.
فصل في طريق اكتساب الحد
لكن الحد يقتنص بالتركيب وذلك بأن يعمد إلى الأشخاص التي لا تنقسم وتنظر من أي جنس هي من العشرة التي سنذكرها فتأخذ جميع المحمولات المقومة لها التي في ذلك الجنس أو في الشيء الذي يقوم لها كالجنس فتجمع العدة منها بعد أن تعرف أيها أول لها مثل الحس فإنه أولا للحيوان ثم النطق وأيضا مثل الجسم فإنه أولا للحيوان ثم الناطق وتتحرى أن لا يكون في المجموع شيء مكرر ونحن لا نشعر كما نقول جسم ذو نفس حساس ثم نقول معها حيوان فيكون الحيوان مكررا تارة بالتفصيل والحد وتارة بالاجمال والتسمية فإذا جمعنا هذه المحمولات ووجدنا منها شيئا مساويا للمحدود من وجهين اثنين فهو الحد - أما أحد الوجهين فالمساواة في الحمل أعني أن يكون كل ما يحمل عليه المحدود يحمل عليه هذا القول وكل ما يحمل عليه هذا القول يحمل عليه المحدود والثاني المساواة في المعنى وهو أن لا يكون دالا على كمال حقيقة ذاته لا يشذ منه عنه شيء فإن كثيرا مما يميز الذات يكون قد أخل ببعض الأجناس أو ببعض الفصول فيكون مساويا في الحمل ولا يكون مساويا في المعنى كقولك في حد الانسان أنه جسم ناطق مايت مثلا فإن هذا ليس بحد حقيقي بل هو ناقص لأن الجنس القريب غير موضوع فيه وكقولك في حد الحيوان إنه جسم ذو نفس حساس من غير أن تقول ومتحرك بالإرادة فإن هذا مساو في الحمل وناقص في المعنى ولا تلتفت في الحد إلى أن يكون وجيزا بل لا يتم الحد حدا بأن يميز على الايجاز ما لم يوضع فيه الجنس القريب باسمه أو بحده إن لم يوجد له اسم فيكون اشتمل على الماهية المشتركة ثم يؤتى بعده بجميع الفصول الذاتية وإن كانت ألفا وكان بواحد منها كفاية في التمييز فإنك إذا تركت بعض الفصول فقد تركت بعض الذات والحد عنوان للذات وبيان له فيجب أن يقوم الحد في النفس صورة معقولة مساوية للصورة الموجودة بتمامها فحينئذ يعرض أن يتميز أيضا المحدود والحكماء لا يطلبون في الحدود التمييز وإن لحقها التمييز بل يطلبون تحقق ذات الشيء وماهيته - ولذلك فلا حد بالحقيقة لما لا وجود له إنما ذلك قول يشرح الاسم - ولذلك ما حد الفيلسوف الحد بأنه قول دال على الماهية ولم يقل قول وجيز مميز كما هو من عادة المحدثين أن يقولوه ولهذا ما ذم تحديد من أخذ في تحديد الشيء العنصر وحده فقط كالطبيعيين في تحديدهم الغضب أنه
صفحہ 68