فصل في المناسب
المناسب للعلم هو أن لا تكون المقدمات فيه من علم غريب كمن يستعمل مقدمات الهندسة في الطب بل يكون من ذلك العلم بعينه أو من علم يناسبه لأن المحمولات يجب أن تكون ذاتية والذاتي يكون من ذلك العلم بعينه أو من علم يشاركه في موضوعه بنوع ما على ما نوضح ولأن المقدمات البرهانية علة النتيجة والعلة مناسبة للمعلول بوجه ما - فلهذا إذا قال الطبيب إن الجرح المستدير لا يندمل إلا أبطأ من المزاوي لأن الدائرة أوسع الأشكال لم يكن برهن من الطب.
فصل في الموضوعات
وأما الموضوعات فهي الأمور التي توضع في العلوم وتطلب أعراضها الذاتية مثل المقدار للهندسة ومثل العدد للحساب ومثل الجسم من جهة ما يتحرك ويسكن للعلم الطبيعي ومثل الموجود والواحد للعلم الآلهي ولكل منها أعراض ذاتية تخصه مثل المنطق والأصم للمقادير ومثل الشكل لها ومثل الزوج والفرد للعدد ومثل الاستحالة والنمو والذبول وغير ذلك للجسم الطبيعي ومثل القوة والفعل والتمام والنقصان والحدوث والقدم وما أشبهها للموجود وقد يكون الموضوع واحدا مثل الجسم الطبيعي وقد يكون أمورا كثيرة متجانسة أو متناسبة مثل الخط والسطح والجسم للهندسة. وأما المسائل البرهانية فهي القضايا الخاصة بعلم علم المشكوك فيها المطلوب برهانها وموضوعاتها - أما موضوع العلم نفسه كقولنا كل مقدار إما مشارك وإما مباين وأما موضوعه مع عرض ذاتي له كقولنا كل مقدار وسط في النسبة فهو ضلع ما يحيط به الطرفان وأما نوع من موضوعه مثل قولك إن كل خط يمكن أن ينقسم بنصفين وأما نوع من موضوعه مع عرض كقولنا كل خط قام على خط يمكن أن ينقسم بنصفين وأما نوع من موضوعه مع عرض كقولنا كل خط قام على خط فإن الزاويتين كذا وأما عرض ذاتي له مثل قولنا كل مثلث فإن زواياه كذا وأما المحمول فلا يجوز أن يكون للموضوع ذاتيا بمعنى الداخل في حد الموضوع لأن وجود هذا للموضوع بين بنفسه اللهم إلا في حالين " أحدهما " أن يكون الموضوع متخيلا بعد وإنما يعرف بأمور خارجة عنه أو بالاسم فقط وذاته لم تتحقق بعد مثل طلبنا أنه هل النفس جوهر أم لا لأنا إنما نكون حينئذ قد عرفنا من النفس الاسم وفعلا ما ولم نعرف بعد ذاتها فالموضوع بالحقيقة عارض ذاتي للنفس وهو الفاعل لذلك الفعل كالمحرك والمدرك مثل الأبيض للثلج
صفحہ 61