فصل في المقدمة الأولية
المقدمة الأولية يقال لها أولية من وجهين " أحدهما " من جهة أن التصديق بها حاصل في أول العقل مثل أن الكل أعظم من الجزء " والثاني " من جهة أن الايجاب فيها أو السلب لا يقال على ما هو أعم من الموضوع قولا كليا أما الايجاب فمثل قولك إن كل مثلث فزواياه مساوية لقائمتين فإن هذا إلا يحمل على ما هو أعم من المثلث حملا كليا كالشكل وأما ما هو أخص من المثلث مثل متساوي الساقين فقد يبطل ويبقى ما هو أعم منه كالمثلث ولا يبطل كون الزوايا مثل قائمتين وإذا بطل المثلث لم يبق لما هو أعم من المثلث كالشكل هذا المعنى فإذا ما بقي المثلث محمولا على شيء وجد هذا المعنى في ذلك الشيء سواء بقي ما هو أخص منه أو لم يبق فإذا ارتفع المثلث المحمول على شيء ارتفع هذا المعنى عن ذلك الشيء وإن بقي له ما هو أعم من المثلث والأولى قد تكون أعم كالجنس وقد يكون مساويا ولا يكون أخص. فصل في المقول على الكل المقول على الكل ههنا غير الذي كان في كتاب القياس فإن معنى المقول على الكل هو أن يقال على كل واحد واحد في كل زمان ما دام موصوفا بما وضع معه لأن كليات البرهان ضرورية لا تتغير والكلي ههنا أزيد شريطة فإنه يحتاج أن يكون مقولا على كل واحد في كل زمان ومع ذلك يكون قولا أوليا وشخصية الموضوع في الوجود لا تمنع كلية الحكم إذا كان الموضوع في نفس تصوره قد يمكن أن يحمل على الكثيرين وإن عاق عائق غير معناه كالشمس لا كزيد والضروري ههنا غير الضروري الذي كان في كتاب القياس فإنه يعني ههنا بالضروري ما كان المحمول دائما للموضوع ما دام موصوفا بما وضع معه وإن كان لا ما دام موجودا بل ما دام موصوفا بما وضع معه مثل قولنا كل أبيض فهو بالضرورة ذو لون مفرق للبصر لا ما دام ذاته موجودا بل ما دام أبيض.
صفحہ 60