المربع الثاني
ليكن، فإن كان المقياس المعزة، فإن أحدا على ظهر الأرض حتى أولادها أنفسهم ليسوا بأعز عليها منه. أما هو فقد استكان إلى ملجأ غريب لم يجربه أبدا، أحس معه بكل ما عاناه ويعانيه، بكل شظف العيش مع أب حشاش عجوز، ونساء يشتهينه حتى ليلتصقن به عامدات فوق السلم الضيق، بكل شيء كأنه ما كان ولن يكون، كأنه يولد هذه اللحظة ولادة تحف بها كل أحلامه، كل ما حرم منه، كل ما سوف يحرم منه.
ليكن الحب!
لتكن الجنة!
لتكن أقصى سعادته الآن أن يستسلم للأحلام التي بدأت تخلعه من الواقع، وتحمله بتؤدة إلى النوم. ولتكن إغفاءتها هي الأخرى علامة شبع بعد مائدة انتظرتها، جوعى تتلوى لسنوات.
ليكن! لولا أنه مع الدفء، وبعيدا عنهما تماما وعن العقل والأحلام والمتعة المتخيلة، بدا ثمة جسد يحس بجسد، مباشرة وبلا واسطة، تاركة العقول تسبح فيما تشاء، عاقدة هي وبلا أي قوة تستطيع إيقافها الصلة والاتفاق.
والأجساد لا تتخيل وتحلم، إنها لا تعرف للتعبير عن نفسها إلا الالتحام والاحتواء، بينما الأحلام تلتقي وردية لقاء الخيال والعالم اللاملموس.
وبدأ الجذب.
رغم إرادتيهما معا.
هو - بحركات لا يمكن رصدها - يكور ويصغر نفسه أكثر وأكثر، وكأنما لو ترك لعنانه لأحال نفسه إلى طفل يستكن في بطنها كالجنين.
نامعلوم صفحہ