أن يعتقد أن الله تعالى إذا أراد تعذيب أحد عذبه، ولو في بطون الحيتان وحواصل الطيور، وسيان دون القدرة الأزلية بطن الأرض/ ٢٠ أوظاهرها، وبعد ذلك فإن المؤمنين أمروا بدفن الأموات، فلا يسعهم ترك ذلك، إذا قدروا عليه، والذي نهتدي إليه- بمقدار علمنا ومبلغ فهمنا- هو أن الناس لو سمعوا ذلك، لهم كل واحد منهم خويصة نفسه، وعمهم من ذلك البلاء العظيم، حتى أفضى بهم إلى ترك التدافن، وخلع الخوف أفئدتهم، حتى لا يكادوا أن يقربوا جيفة ميت.
ويحتمل وجها آخر: وهو أن الأحياء مازالوا يوارون سوءات الأموات طبعا وجبلة، ثم ندبوا إلى ذلك شرعا وملة، فلو سمعوا صياح المعذبين، لكان فيهم من يحمله العصبية وخوف الفضيحة في ذويه وقرابته على أن ينبذهم بالعراء؛ لئلا يخبر عن حالهم مخبر، فإن القبور كالمنازل، لا تكاد تدرس معالمها، أو تنسى مواضعها.
[٨٩] ومنه حديث أبي هريرة- ﵁ عن النبي ﷺ: (إذا قبر الميت؛ أتاه ملكان أسودان أزرقان ... الحديث) يحتمل أن يكون (أسودان) على الحقيقة؛ لما في لون السواد من الهول والنكر،
1 / 73