بعد سقوط الذنب ووجوب المغفرة والاستذراء بجناب القدس وسعة الرحمة حيث لم يبق للنكير موضع ولا للملامة مسلك فلهذا قضى رسول الله ﷺ لآدم على موسى بالفلج (فقال ﷺ فحج آدم موسى) أي غلب عليه بالحجة فلا تقبل إذًا هذه الحجة عن عموم المكلفين لخلو قضاياهم عن تلك المعاني التي اشتملت عليها قضية آدم وموسى- ﵉ وبعد هذا فليعلم الباحث عن هذا الحديث أنه وإن كان صحيحًا فإنه من جملة] الآراء [التي لا ينقطع] ٩/ب [العذر دونها وقد ذكر بعض العلماء في مصنف له في الاعتقاد أن هذا الحديث لم يروه عن رسول الله ﷺ غير أبي هريرة ولعله نسى أو لم يبلغه الحديث يومئذ بطرقه، وهذا الحديث مخرج في كتاب أبي داود من رواية عمر بن الخطاب ﵁ وقد رواه الطبراني في كتابه في مسند جندب بن عبد الله البجلي ﵁.
[٥٥] ومنه (قوله ﷺ في حديث ابن مسعود ﵁: إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا). قلت: فسره ابن مسعود وهو الراوي للحديث فقال: إن النطفة إذا وقعت في الرحم فأراد الله أن يخلق منها بشرًا طارت إطارة في بشرة المرأة تحت كل ظفر وشعر ثم تمكث أربعين ليلة ثم تنزل دمًا في الرحم فذلك جمعها. والصحابة أعلم الناس بتفسير ما سمعوه وأحقهم بتأويله وأولاهم بالصدق فيما يحدثون به وأكثرهم احتياطًا للتوقي عن خلافه فليس لمن بعدهم أن يرد عليهم والله أعلم.
[٥٦] ومنه حديث عائشة ﵂ (دعي رسول الله ﷺ إلى جنازة صبي .... الحديث) يحتمل أن النبي ﷺ قال هذا القول قبل أن] أنزل [عليه في ولدان المؤمنين ما أنزل ويحتمل أنه لم يرتض هذا القول لما فيه من الحكم بالغيب والقطع بإيمان أبوي الصبي أو أحدهما إذ هو تبع لهما وفيه إرشاد للأمة إلى التوقف عند الأمور المبهمة والسكوت عما لا علم لهم به وحسن الأدب بين يدي علام الغيوب.
1 / 51