مشکلات مع الغرباء: دراسہ فی فلسفہ الاخلاق
مشكلات مع الغرباء: دراسة في فلسفة الأخلاق
اصناف
كان الإحساس والعاطفة - إن جاز التعبير - يمثلان التحول الفينومينولوجي المميز للقرن الثامن عشر؛ المكافئ في عالم المشاعر للتحول إلى مسألة الفردية التملكية والنزعة الداخلية البروتستانتية. وفي المجلات فريدة التأثير مثل «تاتلر» و«سبيكتيتور»، اتخذ الإحساس صورة منهجية حيث يسلم القارئ العادي نفسه لدورة تعليمية مكثفة في اللياقة. مثل هذا الضرب من الصحافة، بمزجه البارع بين الفضيلة والجدية، صورة جديدة من السياسة الثقافية؛ إذ علم عن وعي الجمهور القارئ فضائل اللين والبساطة والاحترام ونبذ العنف والشهامة والحب في إطار الزواج. ويكتب ستيل في العدد الأربعين من مجلة «سبيكتيتور»: «لطالما راودني طموح بجعل كلمة «زوجة» أكثر الأسماء في الطبيعة قبولا وإدخالا للسرور.» لكنه لم يكن نموذجا للفضيلة؛ إذ كان يفرط في شرب الخمر، وقتل رجلا في منازلة، وسجن بسبب الدين، وتزوج أرملة لمالها، واتهم بالتحريض على العصيان، ومثل أمام مجلس العموم. لكن نطاق سلطته الثقافية هو وأديسون امتد من الحديث عن تهذيب الملبس إلى المواعظ التي تنهى عن المنازلة، ومن تناول أنماط الحديث المهذب إلى مدح التجارة.
16
وتضمن معرضهما الصحفي للنماذج الاجتماعية المواطنين ومستنشقي التبغ وكانسي أوراق الشجر والمفكرين الأحرار وذوي الجمال وذوي الجمال الفائق.
كانت الأعراف الأخلاقية تكتسب صبغة جمالية، وتمارس باعتبارها أسلوبا في المعيشة، ومكمنا للفضيلة والذكاء، ومنبعا للخفة والوجاهة، وتجسيدا للصراحة والرشد والعبقرية، ومدعاة لخفة الدم وحب الرفقة والحرية والتباسط وإنكار الذات. ويدرج فرانسيس هتشسون في كتابه «تحقيق عن الخير والشر الأخلاقيين» ضمن القيم الشبه الأخلاقية؛ «الثوب المهندم، والوقار الممزوج بالرحمة، والفرح بإدخال السرور على الآخرين» بجانب اللطف واللين والمرح والرقة وبعض التكلف والتناغم و«صفات يصعب تحديدها.»
17
إن هذه دعوة تختلف تماما عن الفلسفة الأخلاقية لأفلاطون أو كانط. كما هو الحال في روايات ريتشاردسون أو أوستين، يمكن للتفاصيل الملحوظة المفردة أن تكون ذات وزن أخلاقي، فبانحناءة إصبع أو طريقة فتح صديرية يمكن أن تنكشف نزعات الخير أو الشر، وهو مفهوم كان من شأن لايبنتس أن يعتبره سخيفا؛ فالجسد - والوجه بالتحديد - يعتبر عند هتشسون معبرا بصفة مباشرة عن الوضع الأخلاقي لصاحبه، فتصير المكنونات الداخلية والمظاهر الخارجية - كما في النظام الخيالي - سهلة الانعكاس ومتواصلة سلسة. وفي ظل هذا الاتحاد بين السلوك والأخلاق، تصير حالات الوعي أقرب ما يكون للأمور المادية؛ إذ تظهر منقوشة على لوحة السلوك البشري، وتتجسد في مشية ممعنة في التذلل أو في إمالة رأس متكبر. وسيرث ديكنز هذا المذهب المضاد لثنائية الروح والجسد. وتكشف أكثر شخصيات جين أوستين المحبوبة عن حس داخلي باللياقة الخارجية؛ لتنقض التعارض بين الحب والقانون وبين التلقائية والأعراف الاجتماعية.
18
فاللياقة تشمل كل شيء؛ فقواعد الذوق لا تقتصر على عدم البصق في الإناء وحسب، بل تعني أيضا تجنب الفجاجة والغرور وعدم المراعاة الشعورية.
لقد كان الافتتان بالعاطفة هو عامل الرضا في أمة تجارية ناجحة؛ لكنها كانت إحدى القوى الاجتماعية بجانب كونها حالة عقلية؛ فالشعور يمكن أن يدفع عجلات التجارة، وهو ما أتاح للشاعر والروائي الأيرلندي المولد هنري بروك أن يكتب بحماس عن كيف أن التاجر «يجلب أقصى البقاع إلينا ويدخلنا في حوار مع أهلها ... وهو بذلك يجمع في عائلة واحدة ويغزل في شبكة واحدة الألفة والأخوة بين البشرية جمعاء.»
19 (بالنظر إلى أن بروك كان شخصية مرتزقة جشعة ألفت كتيبات مؤيدة للكاثوليكية من أجل الربح، على الرغم من آرائه المناهضة للكاثوليكية؛ فقد علم بعض الأشياء عن السوق.) وهنا تبرز - باختصار - أيديولوجية ما يسمى بالإنسانوية التجارية التي تعتبر أن انتشار التجارة وزيادة التعاطف الإنساني يثري كل منهما الآخر.
نامعلوم صفحہ