Charles Perrault
قصيدته الشهيرة في المجمع الأدبي (سنة 1687)، وافتتحها بمساواة المحدثين للقدماء، بل بفوقانهم عليهم، ووازن بين زمن لويز الرابع عشر والأزمان القديمة، فأخذ المحدثون أنصار ديكارت يظهرون وينشرون مذهبهم؛ وانتشر النزاع بين القدماء والمحدثين .
أثار عجاج هذا الخصام شارل بيرو، وهو أحد كبار كتاب وشعراء وأدباء القرن السابع عشر، وقد كان من المقدمين في حظيرة الملك لويز الرابع عشر، ومن المشتغلين بالفنون، المعروفين بالذكاء وحب الجديد في هذا العصر، ونشر كتابه المعروف «بالموازنة بين القدماء والمحدثين»،
2
وهو عبارة عن حديث بين قسيس عالم ذكي، يدافع عن المحدثين ويمثل المؤلف نفسه، وبين رئيس كبير وصفه الكاتب بالغباوة والتعصب، يقدس القدماء ويعجب بهم. وقد بث المؤلف أثناء هذه المحادثة ما أراد أن يثبت ويبرهن عليه من مذهبه وآرائه في تفضيل الحديث على القديم، وكان مدار الحديث دائرا على هذه الفكرة الأساسية: وهي «أن القانون العام للعقول البشرية والأفكار الإنسانية، هو التقدم والارتقاء في العلوم والفنون، وأن المحدثين وصلوا إلى ما لم يصل إليه القدماء من الاختراع والابتكار في الماديات؛ لأنهم اطلعوا على أكثر ما عرف واطلع عليه القدماء، فكان لهم من التجربة ما لم يكن لهؤلاء، والمعرفة والعلوم ليست إلا نتيجة التجربة والاطلاع؛ فالمحدثون إذن أرقى وأعلم من القدماء؛ لأنهم وقفوا على معلوماتهم، ثم على ما حدث بعدهم من العلوم والأفكار. فلماذا إذن لا يسبقونهم أيضا في فنون الأدب والبلاغة؟ بل لا بد أن يسبقوهم في هذا، كما فاقوهم في المخترعات المادية والوسائل الأخرى للمدنية الحديثة.» قال: «وقد كان القدماء أطفالا في العلوم والفنون بالنسبة لما ظهر من نتائج العقول والقرائح بعدهم. أما المحدثون فإنهم يمثلون نضج الفكر وغاية ما وصل إليه الإنسان من الذكاء، والأدب يبرهن على ذلك، وعلى أن كل عظيم من القدماء له مثيل من المحدثين.»
وقد التف بشارل بيرو فونتنل
Fontenelie
أحد كبار الأدباء، وألف كتابا في ذلك
3
أيد فيه رأي بيرو قال فيه: «إن طبيعة الإنسان واحدة في كل زمان ومكان، قابلة للرقي والفلاح، فلا بد أن يكون لدينا الآن من العقول الناضجة والعبقرية ما كان لأهل الأزمان الماضية، وإن الأجيال السالفة تترك للأجيال الآتية علومها واختراعاتها، فعقولنا الآن تعرف وتنقح كل الأفكار الماضية ونتائج القرائح السابقة، ذلك إلى ما نصل إليه نحن باستعدادنا الفطري ومباحثنا الشخصية.» قال: «والحقيقة أن بعض الأقاليم يساعد على الذكاء ويربي الإدراك، وأن هناك عصورا تدعو إلى التقهقر، وحوادث تقف حركات الأفكار والعقول، وأن هذه الحوادث قد تمنع ظهور كثير من مواهب أصحاب العقول والأفكار الراقية.» وقال: «من الممكن ألا يصل أحد إلى ما وصل إليه الشعراء الأقدمون. ولكن ليس من المستحيل أن يفوقهم سواهم، بل لا بد أن يكون ذلك.»
نامعلوم صفحہ