فقهقه ذلك الرجل وقال له: خذ له مائة، حسبت أنك تقدم له حسنة قداس؟ خذ مائة تر ما يكون.
واستعد الخوري للمعركة الفاصلة وذهب.
ولما رأى كوبليان أن ذلك الأصبع محترم يملأ العين واليد أخذه وقال للأب الجليل: حتى لا يزعل باباز أفندي نقبل الهدية.
وخرج الباباز وغرضه مقضي.
وكانت لتاجر غنم حموي دعوى مالية ذات قيمة طال عليها الأمد؛ فقلق الرجل وخاف أن يخسرها، فالتجأ إلى تاجر من عملائه يسأله حلا لقضيته؛ فهداه إلى فلان النافذ عند واصا باشا وصهره كوبليان، فقصده التاجر وعرض عليه مشكلته، فقال الموظف للتاجر: لماذا أنت قلق مهموم؟ ماذا يهمك لو أهديت إلى كوبليان أفندي خمسين رأس غنم مثلا؟ أنت ميسور، ألا تشتري راحة بالك بمثل هذه القيمة؟
فقال التاجر: القصة بسيطة إذن، غدا إن شاء الله.
وفي الغد كان راع يسوق قطيعا من الغنم بين دير القمر وبتدين يسأل في طريقه عن بيت فلان ... وظل كذلك حتى بلغ المقر، وأطل عليه الوسيط ابن الحلال فقال الراعي: هذه الأغنام هدية إلى كوبليان أفندي من معلمي ... فانفجر السمسار كقنبلة وقعت على صخر، ولم يترك كلمة من قاموس السباب والشتائم حتى رمى بها ذاك الغنام المسكين، وأخيرا صرخ في وجهه: دينك على دين معلمك، من قال إن كوبليان أفندي يقبل هدية؟
ووقف الراعي متحيرا، وأقفل الباب، فرجع من حيث أتى، وأخبر التاجر بما وقع .
وأخيرا أشار عليه «الخبراء الفنيون» أن يبيع الغنم ويقدم ثمنها في خلوة لسمسار كوبليان، فهش له وبش وقال وهو يعد الليرات الذهبية: «هذي أغنام لا تمعق.»
إن قصص كوبليان أطول من قصص الحيات، وكلها من الطراز العالي ... وقد شاع مثل هذا الابتزاز بين كل الموظفين، فلم يكن يقضى أمر إلا بالفلوس، فللمختارية سعر، ولمشيخة الصلح سعر، ولعصا النطارة ثمن.
نامعلوم صفحہ