اذهبوا وبشروا
امتحانات تربوية!
بعنا واشترى
إلى عميد الكتلة الوطنية
أهل القلم والقلم المستقل
الأدباء البرجعاجيون
شعراء المناسبات والشدياق
إلى دولة اليافي
إشعاع بلا زيت
شهادات زور
نامعلوم صفحہ
أمين وأبو أمين
هؤلاء رهبانك يا مار مارون
مادحو أنفسهم
جيشنا
قصر السعديات
ثلاث أزمات تنتظرنا
وزارة أوقاف
زواج مدني
ضريح «أبو أمين»
التربية الوطنية
نامعلوم صفحہ
المعضلة المارونية الرومانية
ذكريات جميزية كوبليانية
سؤال وجواب (1)
إلى الأستاذ قلعجي مع تحياتي الحارة
إلى السيد منير مراد، بيروت - الصنائع
إدارة البريد - الأدب والسياسة
حقوق المرأة
سؤال وجواب (2)
بريدي
مارون عبود
نامعلوم صفحہ
اذهبوا وبشروا
امتحانات تربوية!
بعنا واشترى
إلى عميد الكتلة الوطنية
أهل القلم والقلم المستقل
الأدباء البرجعاجيون
شعراء المناسبات والشدياق
إلى دولة اليافي
إشعاع بلا زيت
شهادات زور
نامعلوم صفحہ
أمين وأبو أمين
هؤلاء رهبانك يا مار مارون
مادحو أنفسهم
جيشنا
قصر السعديات
ثلاث أزمات تنتظرنا
وزارة أوقاف
زواج مدني
ضريح «أبو أمين»
التربية الوطنية
نامعلوم صفحہ
المعضلة المارونية الرومانية
ذكريات جميزية كوبليانية
سؤال وجواب (1)
إلى الأستاذ قلعجي مع تحياتي الحارة
إلى السيد منير مراد، بيروت - الصنائع
إدارة البريد - الأدب والسياسة
حقوق المرأة
سؤال وجواب (2)
بريدي
مارون عبود
نامعلوم صفحہ
مناوشات
مناوشات
تأليف
مارون عبود
المؤلف (1886-1962).
اذهبوا وبشروا
إلى الصديق الوزير محيي الدين النصولي
يا سيد، قد تعبنا الليل كله ولم نصطد شيئا، ولكن لأجل كلمتك نلقي الشبكة.
هذا ما قاله الحواري الأول بطرس لمعلمه، بعدما ألقى شبكته في بحيرة طبريا، وقعد ينتظر طول الليل، وعالج الصيد بالصنارة أيضا، فأكل السمك الطعم و...
أشهد أنني عندما ساهمت في تحرير جريدة «كل شيء» جعلت العنوان: «مناوشات»، فناوشت ما استطعت، وفزت بإبقاء مياه «نبع قطرة» لبلادي.
نامعلوم صفحہ
ثم اتخذت عنوانا آخر: «أوراق خريف»، فذهبت تلك هباء منثورا، وكانت كاسمها حقا. ثم كتبت طويلا في جريدة «الأحد» تحت عنوان: «من الجراب»، فكنت أمد يدي إلى ذاك الجراب في كل مناسبة، فيأتي الكلام تارة مناسبا، وطورا غير مناسب، أي حينا يسخط، وآونة يغضب، ولكني مضيت في طريقي ساعيا إلى غايتي ولا يعنيني ما يقول الناس.
وفي «المجالس المصورة» كان العنوان: «حبر على ورق»، وأنا أحارب فيه على كل الجبهات. ومن يخشى المعارك وشعارها: حبر على ورق؟!
عندما كان الانتداب في أول عهده جاء أحد المفتشين لزيارة مستودعات أوراق سراي «بعبدا» القديمة، فدخلها وفي صحبته رئيس القلم العتيق في خدمة الحكومة. كان هذا يطمع بالترقية الكبرى؛ لأنه شقيق مطران، فقال للمفتش حين أراه المستودع وما فيه من ذخائر فعلت فيها الجرذان والفيران فعلها: أتعرف يا مسيو ... كم قضيت من العمر في هذا المركز؟
فقال الفرنجي: لا، قل إذا شئت.
فأجاب رئيس القلم: ثلاثين سنة وأكثر. - هوه، هوه، الحمد لله على السلامة، اشكر ربك على أن الجرذان لم تأكلك.
وأنا أشكر ربي على العافية، ولا أرجو سواها، وسأظل أكتب إلى أن يطل القدر المكتوب، فلا أقل من أن أخدم بلادي بهذا الحبر والورق، ولا سلاح لي سواه. ولن أقول لمن يعنيهم الأمر ما قاله الحطيئة للزبرقان:
أدركت يأسا مريحا من نوالكم
ولا ترى طاردا للحر كالياس
العوام وغيرهم يطردون الشيطان باسم الصليب، أما شيطاني فلا يطرده شيء؛ رأسه يابس، وعينه جامدة؛ فهو لا يتوارى أبدا.
قال الأستاذ محيي الدين النصولي في جريدته «بيروت» في حديثه عن «مال الاحتياط»:
نامعلوم صفحہ
المال المتكدس يجوز أن يكدسه الأفراد لا الحكومات، فالفرد نتسامح معه إذا درج على سياسة الادخار، أما الحكومة فلا نتسامح معها قط، ومن واجبها، بل من واجبها الأول أن تنفق دائما؛ ليطمئن الشعب إلى أن أمواله لا تنام في صناديق الخزينة، بل تدور بين المواطنين؛ لترفع مستوى معيشتهم، وتشيع الرفاء بين صفوفهم، ويجدوا فيها منافع لهم.
ذكرتني كلمته هذه بما فعله نابليون، جبار الأقزام والعمالقة، بعدما توج إمبراطورا.
دخل كاتدرائية «نوتردام» في باريس فرأى فيها ثلاثة عشر تمثالا مسبوكة من الذهب الخالص، وكانت الدولة في حاجة إلى المال، فحضرته النكتة - والنكتة في اعتقادي وحي ما - فقال نابليون: «أبقوا السيد المسيح وحده هنا، أما تلاميذه فلا محل لهم معه؛ لأنه هو أمرهم بقوله: «اذهبوا وبشروا باسمي جميع الأمم».»
وفي الحال أنزلت تماثيل الرسل الاثني عشر، وأرسلت إلى دار الضرب، فصارت دنانير نابليونية تداولها الشعب الفرنسي الذي أحب نابليون، فنفست عنه بعض الشيء.
إني أتمنى، يا أخي محيي الدين، أن يقال لمال الاحتياط ما قيل لتماثيل الرسل: «اذهب وحوط لبنان باليسر.» فيزول كابوس الضائقة عن النفوس. «الشبعان يفت للجوعان فتا بطيئا.» هكذا قال المثل العربي القديم، ونحن يا سيدي بطوننا خاوية، وإذا كان لا بد من موتة فقبل رمضان ...
إنني أكتب رغم اعتقادي أن كلامي حبر على ورق، أو صرخة في واد، لا تزعزع جبلا، ولا تخيف أسدا.
إن صياح الديك لا يطلع الفجر، ولكن لا بد للديك من أن يصيح.
قرب الله الصبح الذي نسمع بتباشيره.
فمتى تحقق الأعمال الأقوال، ولا نظل نسقي الكمون بالوعد؟
عالية، 5 / 5 / 1954م
نامعلوم صفحہ
امتحانات تربوية!
نحن في قرن يصح أن يسمى عصر الشهادات، فقد كثر عشاقها الذين يجمعونها كما تجمع طوابع البريد.
كان يعني الناس فيما مضى أن يتعلموا، أما اليوم - ويا للأسف - فصار يهمهم أن ينالوا الشهادات ... فهن مفتاح باب المعقل الأشب.
1
ولى الزمان الذي كان يقال فيه: جربوني، عند الامتحان يكرم المرء أو يهان.
أما اليوم فكأن موقف العرض قد أصبح على الأرض، فعليك أن تحمل شهادتك بيمينك ... وأما ما تعلمت وما اغترفت من غدران العلم؛ فله بحث آخر.
إذن، فلا بد من الشهادة كيفما دارت بها وبنا الحال، وإذا كان الأمر كذلك فلتؤخذ بحقها.
يقول علماء التربية الحديثة: «العلم وسيلة للتربية.» وبناء على هذا القول سموا وزارة المعارف: وزارة التربية الوطنية. فعلينا إذن إما أن نربي تربية وطنية، وإما أن نقول وزارة التربية «حاف».
أقول هذا بعد مطالعتي ما طرح أمس من مواضيع على طلاب الشهادة المتوسطة في سوريا. وهذا هو:
الموضوع الأول: «قال الشاعر العربي:
نامعلوم صفحہ
وغلى الدم العربي في فواجبي
تضميخ مجدي بالدم المهراق
هب أن رحمة آسري ستفكني
أولست أحمل منة الإطلاق
وأشد من أسري علي بأن أرى
يد آسري يوما تفك وثاقي
حلل هذا اللون من العاطفة الوطنية، وبين أثره في حياة الشعوب الحرة .»
والموضوع الثاني: «لو خيرت بين الانتساب إلى الكلية العسكرية لتصبح جنديا يذود عن الوطن شر الأعداء، وبين الانتساب إلى دار المعلمين لتغدو معلما يكافح الجهل والمرض؛ فأي الأمرين تختار؟
بين أسباب اختيارك.»
والثالث: «اكتب كتابا إلى صديق لك تعزيه بأخ له استشهد في ميدان الشرف دفاعا عن الوطن، وتبين فيه واجب المواطن الحربي وفضيلة الجهاد.»
نامعلوم صفحہ
أما عندنا فطرح على طلاب الشهادة عينها - البريفة - هذان الموضوعان:
الأول: «نحن في هذه الحياة أشبه بالزورق الصغير السابح فوق أمواج البحر، إذا لم تكن هناك شواخص وأعلام تهديه طريقه؛ ضل السبيل وابتلعه البحر.»
ما هي هذه الشواخص والأعلام؟ وما المراد بهذا القول؟
والثاني:
قال جبران: «الأم هي كل شيء في هذه الحياة؛ هي التعزية في الحزن، والرجاء في اليأس، والقوة في الضعف، فالذي يفقد أمه يفقد صدرا يسند إليه رأسه، ويدا تباركه، وعينا تحرسه.» اشرح هذا القول.
إن الخيال والعواطف والنظريات لا تنشئ وحدها وطنا، ولا توطد استقلالا.
كانوا - يوم كنا طلابا - يعطون الأول والثاني الجوائز في كل موضوع، ثم يقولون: واستحق الذكر فلان وفلان حتى الرابع. ترى ألا يستحق لبنان الذكر في هذه الامتحانات التربوية؟
فلنعمل - على الأقل - بقول ابن الرومي لصاحب تلك اللحية التي شبهها بالمخلاة:
أو فقصر منها، فحسبك منها
نصف شبر علامة التذكير
نامعلوم صفحہ
إننا لا نطلب نصف شبر؛ فهذا كثير على لحيتنا ... نطلب نتفة وبر حتى لا يقال: أحلت
2 ...!
عالية، 16 / 6 / 1951م
بعنا واشترى
قال المؤرخ: «لما قصد صليبيو الحملة الثانية مدينة دمشق كان فيها فقيهان من أكبر فقهاء الشام؛ وهما: الإمام يوسف الفندلاوي المالكي، والشيخ الزاهد عبد الرحمن الحلحول، فما كادا يعلمان بقدوم الصليبيين في جموعهم حتى تقدما إلى صاحب الأمر فيها - وهو رجل من مماليك طغتكين، واسمه معين الدين أنر - فسلما عليه واستأذناه في الجهاد، فقال لهما: أنتما معذوران ونحن نكفيكما، وليس بكما على القتال قوة.»
فقالا له: بعنا واشترى، إشارة إلى قوله تعالى:
إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة .
ثم قاتلا حتى قتلا في مكان واحد ، فكان استشهادهما باب النصر.
ما انتهيت من قراءة هذه النادرة حتى رحت أسائل نفسي: «أعندنا اليوم من يقول هذا القول في الأزم؟ أم عندنا من يريد أن يشتري دائما ولا يبيع أبدا؟ أتظل قوتنا في حناجرنا كضفادع الليل؟ أم ترانا نبيع كما باع هذان الشيخان فربحت تجارتهما؟
أجل! إننا لنفعل ما فعلا لو كان في صدورنا ما كتب الله في قلوبهم من إيمان، ولكن أنى لنا ذلك.
نامعلوم صفحہ
الإيمان وحده يقول للجبل: انتقل فينتقل، كما قال ابن البشر، ولكن أين حبة الخردل؟ هل عندنا مقدار ربعها؟
إن أوطان هذا الزمان أمست تباع هي، فكيف لها أن تشترى؟»
لست أشك في أننا ضعفاء، عزل، ولكنا متى «بعنا واشترى» تم البيع، والعقد لا يحل، وإذا نقضه عدوان الغد أبرمه الدهر العتيد.
فإلى البيع أيها الإخوان، بيعوا ولا تندموا، ففي كل حركة بركة.
عالية، 13 / 11 / 1951م
إلى عميد الكتلة الوطنية
الأستاذ ريمون أده
قرأت تصريحك في المؤتمر الصحفي الذي عقدته، ووقفت عند آخر عبارة منه. وهذه هي كما وردت في جريدة بيروت الغراء:
أكد الأستاذ أده بأن فشل المعارضة في كسروان على الأخص - حيث لمس هو وكل من رأى المهرجانات العظيمة التي أقيمت له ولكتلته - دليل صريح على التزوير.
لا يا حضرة الأستاذ.
نامعلوم صفحہ
لا، لا تجزم.
إذا رمت أن تحكم على جودة الأرض؛ فسل الفلاح عنها «قاتل الأرض خابرها.» كما يقول المثل اللبناني.
فتلك المهرجات ليست دائما دليلا صادقا على الشعبية؛ ما أكثر الذين يمسكون الحبل من الطرفين!
لا يكاد المرشح يدير ظهره حتى يركض هؤلاء إلى منافسه معتذرين له بقولهم: «ألا نستقبل ضيفا زارنا؟»
إن مثل هذا الجبن والنفاق هو الذي يضيع الطاسة ...
فنصيحتي لك يا أستاذ، ألا تركن إلى وعود هؤلاء، ولا تقم أقل وزن لمن يودع غيرك بالتطبيل والتزمير، ثم يهتف لك: أوصانا ... مبارك الآتي باسم الرب.
اسمح لي أن أخاطبك بهذا الأسلوب الديني بعدما رسمك الأستاذ محسن سليم بطركا في مهرجان ما.
وبعد، أفنسيت ليلتنا في عين كفاع عام 1943م؟
ليتها تعود؛ ففي الإعادة إفادة.
لا أظن أنك نسيت ما جرى فيها بالتفصيل، ولا شك أنك تتذكر موقف «داعي الدعاة» الذي كان عن شمالك ... تذكر جيدا، وإن نسيت أنت فكثيرون من الناس لا يزالون يذكرون، كما صارحتك في ذلك الزمان، ها أنا ذا أصارحك الآن في هذه الساعة العصيبة، والتاريخ يعيد نفسه كما يقولون.
نامعلوم صفحہ
لا تستعجل الشيء قبل أوانه. استوثق من الناخبين أولا، وإذا استعصى عليك شيء من أسرارهم، فتذكر قول الشاعر:
إذا اختفى ما في الزمان الآتي
فقس على الماضي من الأوقات
فالناخبون ما زالوا هم هم، وعلى يد هؤلاء تأتي الشكوك، فالويل لهم كما قال السيد.
لقد قرفت يا سيدي حديث الانتخابات، ولولا أنها من مقومات المواطن لما أقبلت عليها، فما أكثر المدعوين وأقل المنتخبين!
نحن أدرى من المرشحين بنيات زملائنا الناخبين، فاسمع مني وصدقني: المهرجانات فقاقيع صابون ...
ستذكر صراحتي هذه وتحمدها عندما تنجلي غمرة المعركة، أما الآن، فثق يا حضرة الأستاذ أني أتمنى لك النجاح، إنما على غير يدي؛ لأنني ما زلت كما كنت.
عين كفاع، 14 / 4 / 1951م
أهل القلم والقلم المستقل
يا أعز أصدقائي.
نامعلوم صفحہ
هكذا وقعت مسألتك اللطيفة التي كلفت نفسك عناء إرسالها إلى عين كفاع. قد تعجبت مثلك من ظهور اسمي بين أسماء إخوان القلم المستقل وأنا في عين كفاع، حتى ظننت أنني صرت قديسا من حيث لا أدري، أفعل العجائب عفوا؛ فأكون في عين كفاع وبيروت في وقت معا، كما ظهر القديس أنطونيوس البادواني في بادو وباريس في وقت واحد.
لقد صح في مع أهل القلم والقلم المستقل قول أبي تمام:
يقضون بالأمر عنها وهي غافلة
فأنا يا «أعز أصدقائي» ما أنتسب - ولا أنتسب أبدا - إلى جمعية أدبية. قد أكون من المجندين، ولكني ما كنت قط من المنتسبين، ولا أكون.
ولكي أريك ضعف إيماني بالأدباء واتحادهم؛ أنشر لك كلمة كتبتها جوابا عن نداء أذاعه الأستاذ ميشال أسمر، صاحب الندوة اللبنانية. ويعود تاريخ هذه الكلمة إلى ثلاث سنوات 7 / 2 / 1952م؛ أي قبل تأسيس جمعية أهل القلم ، وهاك أكثرها:
سمعتك تنادي رجال القلم ، فتذكرت رسالة عبد الحميد بن يحيي إلى الكتاب، ولعل تلك الرسالة قد كانت أول دعوة إلى ما نسميه اليوم «نقابة».
لم تقصر يا أخي عن عبد الحميد في تقويم الكاتب وتقديره، فعبد الحميد قال لهم في ذلك الزمان: «فموقعكم من الملوك موقع أسماعهم التي بها يسمعون، وأبصارهم التي بها يبصرون، وأيديهم التي بها يبطشون.»
وأنت يا أخي استعرت كلمة الإنجيل، وما أحلاها! فقلت لهم مرة واحدة: أنتم ملح الأرض.
كبرت كلمة خرجت من فمك.
أجل، إنهم ملح الأرض، ولكن خبزهم - ويا للأسف - بلا ملح يأكله الناس، ثم ينسون مطعمه بعد القيام عن السفرة.
نامعلوم صفحہ
سمعتك تدعوهم إلى التضامن والاتحاد، ولكن أخلاق الأدباء - وبنفسي أبدأ - تضيق بذلك، قد عرفوا بذلك منذ كانوا؛ ولهذا يقول لهم عبد الحميد في موضع آخر من تلك الرسالة: وتحابوا في صناعتكم. فلولا تباغضهم ما أوصاهم بذلك.
ما أفلحت يا أسمر في ندوتك إلا لأنك وحدك، ولو كان لك فيها شريك لفسدت. لا أنسى أبدا قول طانيوس عبدو حين فصم عرى شركته مع أحدهم:
الحمد لله لا شريك له
وأحمد الله ليس لي شركا
وأتمنى من كل قلبي أن يقع نداؤك في آذان ليس فيها وقر؛ حتى لا يقال فينا: لقد أسمعت ... فنحن معشر يصح فينا قول المتنبي مع بعض التحريف: «يهدم» بعضنا بعضا ويمشي
أواخرنا على هام الأوالي
وقبل وبعد، فليتك تجمعهم، فلعل أحدا يحس بوجودهم، وإذا لم يتجمعوا فلا تيأس: إن لبنان بلد النسور، والنسور لا تكون قط أسرابا ... وكما في السماء كذلك على الأرض.
عالية، 7 / 5 / 1951م
الأدباء البرجعاجيون
كتب إلي ناشئ من إحدى مدارس بيروت يسألني:
نامعلوم صفحہ
من هم البرجعاجيون؟
إلى هذا الطالب أقول: الأديب البرجعاجي غير واقعي ولا عملي، إنما هو كلاعب الشطرنج يحرك الجيش على الرقعة لا في الساحة.
أما في هذه الفترة، فقد بردت الهمم، فالجيل الطالع قليل الجلد لا يعمل، والأدباء الذين يشار إليهم مستخفون بقرائهم وسامعيهم، فلو كنت يا بني في مؤتمر بيت مري، لأدباء العرب، ورأيت الشعراء فيما يسمونه أمسية شعرية ، ورأيت كتبا تنشر ودفاتر تقلب، لقلت: إنه لم يبق لنا لا أدباء برجعاجيون ولا أدباء برجخشبيون.
وإذا لم ينهض الشباب؛ فإلى الله المآب ...
عالية، 12 / 5 / 1951م
شعراء المناسبات والشدياق
وبعد، فلي صديق في بيروت لا يثمن، لا أتنزل عن حقي به ولو أعطوني ثقله ذهبا، فقد تكون أنت لا تقتنيه ولو جاءك هدية، أما أنا فيكفيني منه إخلاصه للفن والأدب، فهو تارة يضحي بماله - أربعة غروش - ليرسل إلي غذاء، أو محصول شهر، كما فعل منذ أيام؛ فقد أرسل إلي ملحق العدد السادس من مجلة الرياض - وهو مجموعة «تواريخ» لرجال الجمهورية السورية غب استقلالها - وكتب إلي عليه بالقلم العريض والحبر الأحمر: «محصول الشهر»،
1
فأدركت ما يريد صاحبي.
ثم وصلني منه أمس رقيم خاص على كف ورق من القطع الكبير. أما صنف الورق فمن نوع أكياس الصر.
نامعلوم صفحہ
نحن لا نغتر بالظهارة؛ فالكتاب قيم، كله إرشادات نفيسة وعظات مرصعة بألقاب شريفة ... لا يحسن إهداءها إلا صاحبي ومن كان مثله.
إني أعجب لهذا الرجل البطال كيف يضحي بماله ووقته ليتشفى من غيظه!
أفلا يعلم - هداه الله - أن ما كان يغضبني منه أصبح يضحكني وإخواني، ويسلينا في شتاء عالية؟ فها أنا أسأله أن يزيدني من هذه الوريقات،
2
فلي فيها منافع أخرى ... لم يحلم بها الجاحظ في وصف بخيله أكال الرءوس.
ولقد أكثرنا الكلام في شعر المناسبات، وتناولناه مرارا، فقبل النظر في محصول هذه الأيام - وهو قليل كالحنطة في البلاد، وإن لم يغل سعره مثلها - فإنني أترك الكلام لنابغة الجيل الغابر؛ أحمد فارس، الذي نظر إليه منذ قرن كما ننظر نحن إليه اليوم، ولكن الآذان كانت - ولا تزال - مسدودة.
رحم الله الشدياق؛ فقد سبق عصره سبق جواد النابغة، المستولي على الأمد، فحمل على شعراء المناسبات، وإن يكن قاله مثلهم، فبينه وبينهم فرق بعيد.
كان الشدياق شاعر السلاطين والملوك والأباطرة والأمراء، وبالشعر تبوأ عرشا من الشهرة والنفوذ، حسده عليه أعاظم رجال عصره، وهاك نكتة من نكاته التي لا تحصى:
حدثني الأستاذ واصف البارودي، مفتش التربية الوطنية في الجمهورية اللبنانية - وهو جدير بهذا الاسم؛ لأنه أول من كتب في التربية عندنا - حدثني عن عمه المحدث الشيخ الجليل محمد الحسيني، قال: كنا نجتمع في حلقة من شباب العرب حول أحمد فارس أفندي في قصره بالآستانة نسمع حديثه، فدخل علينا يوما ولده سليم يحمل حقة مذهبة، وقال: يا أبي، مولانا السلطان عبد الحميد منحك الوسام العثماني الأول.
فنهضنا - نحن الشباب - نرى الوسام، وهو قطع لا قطعة، فأدهشنا بريقه ولمعانه، فانتظرنا الشيخ حتى عدنا إلى مجالسنا ومضى في حديثه.
نامعلوم صفحہ