تبرنط إكليروسها، وستأتي ساعة يلبسون فيها الشورت، ولا يبقى لهم علامة تميزهم غير «سكسوكة». لعلها علامة التذكير التي أشار بها ابن الرومي على البحتري.
إن الأولين من الرهبان
1
الذين اشتروا استقلال طائفتهم بدمائهم قد انقرضوا، وما بقي لنا إلا الذين باعوا تقاليد أمتهم بأكلة عدس ... مع أن الخير فائض، فثلث لبنان إن لم يكن نصفه في أيديهم. أما معرفة أملاك الديورة والأوقاف فلا تغيب على أحد، فمتى رأيت أرضا بورا غير مستعمرة فقل: إنها وقف ...
ليس الذنب ذنب هذا النفر، ولكنه ذنب الطائفة التي تركتهم يرعون ويبطرون، فلو رعوا وسكتوا لقلنا لهم: «كلوا صحتين وعوافي.» ولكنهم أناخوا على أوقافنا باسم عبادة الله وخلاص نفوسهم، ونذر العفة والطاعة والفقر. أما العفة فليس لي ما أقول فيها، أما الفقر فهو أبعد ما يكون عنهم، وكيف يكون فقر والدير الذي يملك الضياع الخصبة التي تسقيها الينابيع الغريزة ليس فيه إلا بضعة رهبان؟
وأما الطاعة فقد برهنوا في كل عصر من عهد لوديفيكوس إلى زمان جيانيني إلى هذا الزمان على أنهم كانوا سوسا ينخر جذع الطائفة المارونية: يكيدون لبطريركهم، ويتآمرون على أحبار الطائفة ورؤسائهم، وقد ظلوا ينخرون خشبة صليب الطائفة حتى سقطت أعمدة البيت عليهم وعلى أعدائهم يا رب.
أجل، لقد وصل الموس إلى لحاهم، فبينما كانوا يمشطونها للانتخاب إذا برومية تقول لهم: «صطوب!» وعلى الباغي تدور الدوائر.
لقد كانوا لرومية مثل «سكيكة» جحا.
قيل: إن جحا باع بيته، ولكنه أبقى له فيه وتدا لم يتنازل عن ملكيته، فكان كل يوم يدخل على المالك الجديد ليعلق في ذلك الوتد إما جرابا، وإما حذاء، وإما حبلا، ورومية أبقى لها المجمع اللبناني حق الإشراف على الرهبانيات كما هو العرف في جميع أقطار المسكونة، فاستعملته كما استعمل جحا وتده، وكان البطاركة ينازعونها في هذا الحق، فلا يتصرفون في عقارهم تصرفا هادئا مستمرا حسب تعبير المكتب العقاري. فمن البطرك مسعد إلى يوحنا الحاج، ومن البطرك الحويك الجسور إلى البطرك عريضة القديس العنيد، وهذه الحرب لم تضع أوزارها، فإذا كان البطريرك صلبا وله من أساقفته أنصار كثر تصرف تصرف المالك لعقاره، وإذا كان أعوانه دروعا لرومية عض على جرحه وصبر.
طلب البابا بيوس العاشر، والذي خلفه من البطرك إلياس الاندغام ، بل الانعدام الطائفي في بحر الكرسي الرسولي، فأجابه بلباقة: دعوا هذه البحيرة وشأنها، فهي صغيرة هادئة تذكركم ببحيرة طبريا ... وهب أني رضيت أنا، فالطائفة - يا صاحب القداسة - قد تشذ، ولا أريد أن أسود تاريخي بهذه الوصمة.
نامعلوم صفحہ