قلت (¬1): صفورية بلدة متوسطة من معاملة طبرية وهي غربي كفركنا، وجوارها بلدة تسمى برأس العين، ينبت في أرضها الخردل كثيرا، وهي بلدة قديمة رومانية، وفيها أثر عمائر وقني قديمة، وأعمدة من أحسن الأعمدة، وقد كان عليها قناطر قديمة، وقد كانت مأهولة بالناس، وكانت معروفة بالعلماء وأهل الحديث، ثم باد ذلك واضمحل ولم يبق فيها اليوم إلا بقايا من الفلاحين، ولأهلها عادة كنت أعرفها: أنهم في كل يوم جمعة بعد الصلاة يحملوا إلى جامعها أطعمة كثيرة، ويمدون سماطا، ويجتمع عليه الناس، ويأكل منه من كان حاضرا، وهذه عادة حسنة إن صادفت إخلاصا حصل لهم بذلك أجر وثواب وإلا فقد قيل!، وفيه منفعة للفقير وابن السبيل والجائع، ولكن تلك البلاد فارقناها من سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، أو أربع وسبعين وسبعمائة-أنا أشك- فيكون مقامنا في دمشق إلى يوم كتب هذا الخط وذلك في ذي القعدة سنة سبع عشرة وثماني مائة نحو: خمسة وأربعين سنة والله أعلم.
وقد تغيرت البلاد والعباد، ولا سيما من بعد فتنة تمر لنك وغيرها مما حدث قبلها وبعدها من الفساد بسبب الفتن والأراجيف من الملوك والأمراء، فالله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
صفحہ 72