199

مختصر التبيين لهجاء التنزيل

مختصر التبيين لهجاء التنزيل

ناشر

مجمع الملك فهد

پبلشر کا مقام

المدينة المنورة

أما عبد الرحمن بن خلدون، فيقول في مقدمته:
«فكان الخط العربي لأول الإسلام غير بالغ إلى الغاية من الإحكام والإتقان، والإجادة، ولا إلى التوسط، لمكان العرب من البداوة، والتوحش وبعدهم عن الصنائع، وانظر ما وقع لأجل ذلك في رسمهم المصحف حيث رسمه الصحابة بخطوطهم، وكانت غير مستحكمة في الإجادة، فخالف الكثير من رسومهم ما اقتضته رسوم صناعة الخط عند أهلها، ثم اقتفى التابعون من السلف فيها تبركا بما رسمه أصحاب رسول الله ﷺ وخير الخلق من بعده المتلقون لوحيه من كتاب الله وكلامه» (١).
فابن خلدون يعزو اصطلاحية الرسم إلى عدم إجادة الصحابة للرسم بالكتابة، وفي زعمه أن هذه الأحرف الزائدة جاءت نتيجة لعدم معرفتهم لقواعد الكتابة، وأن التابعين ومن بعدهم اتبعوا رسم الصحابة للتبرك فقط.
وأثبت الشيخ محمد طاهر الكردي أن الرسم العثماني اصطلح عليه الصحابة ﵃، وليس توقيفيا، واستدل على ذلك بأن النبي ﷺ لا يقرأ ولا يكتب.
ثم إنه لما اختلف زيد بن ثابت ومن معه في كلمة: «التابوت» أيكتبونه بالتاء أم بالهاء رفعوا الأمر إلى عثمان بن عفان ﵁ فأمرهم أن يكتبوها بالتاء، فلو كان الرسم توقيفيا بإملاء النبي ﷺ، لأمرهم أن يكتبوها بالكيفية التي أملاها رسول الله ولو كان الرسم توقيفيا لنعتوه

(١) انظر: مقدمة ابن خلدون الباب الخامس الفصل الثلاثون ص ٣٧٧.

1 / 204