المجموع، ولكل وصف تأثير في البعض، كقوله: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ الآية [الفرقان: ٦٨] وقد تكون تلك الصِّفات متلازمة كلٌّ منها لو فُرِضَ تجرُّده لكان مؤثِّرًا مستقلًا أو مشتركًا، فيذكر إيضاحًا وبيانًا للموجب، كما يقال: "كفروا بالله وبرسوله"، و"عصى اللهَ ورسولَه"، وقد يكون بعضها مستلزمًا للبعض من غير عكس، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ الآية [آل عمران: ٢١] وهذه الآية من أيِّ الأقسام فُرِضت كان فيها دلالةٌ (^١)؛ لأن أقصى ما يقال: إن نقض العهد هو المبيح للقتال، والطعن في الدين مؤكِّد له وموجبٌ له، فنقول: إذا كان الطَّعن يُغَلِّظ قتال من ليس بيننا وبينه عهد ويوجبه، فأن يوجِب قَتْل من بيننا وبينه ذِمَّة - وهو ملتزم للصَّغَار - أولى.
الوجه الثاني: أن الذِّمِّي إذا سبَّ الرسول أو سبَّ اللهَ أو عابَ الإسلام علانيةً، فقد نكث يمينَه وطعن في ديننا؛ لأنه لا خلاف بين المسلمين أنه يُعاقَب على ذلك ويؤدَّب، فعُلِمَ أنه لم يُعاهَد عليه، فيجب قتله بنصِّ الآية، وهذه دلالة قويَّة حسنة، فإنه قد وُجِد منه نكثُ يمينِه وطعنٌ في الدين. والقرآنُ يُوجِب قتلَ من نكثَ وطعنَ في الدين.
الوجه الثالث: أنه سمَّاهم "أئمة الكفر"؛ لطعنهم في الدين، وثانيًا علَّل ذلك بأنهم لا أيمان لهم، فهو يشمل جميع الناكثين الطاعنين.
وإمامُ الكفر هو الداعي إليه، وإنما صار إمامًا (^٢) في الكفر لأجل
_________
(^١) في الأصل: "دلا" وهو سهوٌ.
(^٢) في الأصل "إما" وهو سهوٌ.
1 / 38