وأما الشافعي؛ فالمنصوص عنه أنه ينتقض العهد به، وأنه يُقتل (^١)، وأما أصحابه فذكروا فيما إذا ذَكَر اللهَ أو رسولَه أو كتابَه بسوءٍ: وَجْهَين، ومنهم من فرَّق بين أن يكون مشروطًا أو لا، ومنهم من حكى هذه الوجوه أقوالًا، والمنصور في كتب الخلاف عنه: أَن سبَّ النبي ﷺ ينقضُ العهدَ، ويوجبُ القتلَ.
وأما أبو حنيفة وأصحابه؛ فقالوا: لا ينتقض العهد بالسبِّ، ولا يُقتل بذلك لكن يُعَزّر على إظهار المنكرات، ومن أصولهم: أن ما لا قتلَ فيه عندهم، مثل القتل بالمثقَّل، والجِماع في غير القُبُل إذا تكرر، للإمام أن يقتلَ فاعلَه، وله أن يزيد على الحدِّ المقَدَّر إذا رأى المصلحةَ، ويحملوا (^٢) ما جاء عن النبيّ وأصحابه من القتل في مثل هذه الجرائم، على أنه رأى المصلحةَ في ذلك، ويسمونه: القتلَ سياسةً.
وحاصله: أن له أن يُعزِّر بالقتل في الجرائم التي تغلَّظت بالتَّكْرَار، وأفتى أكثرهم بقتل مَن أكثر مِن سبِّ الرسول مِن أهل الذِّمة، وإن أسلمَ، قالوا: يُقتل سياسةً.
[الأدلة على وجوب قتل الساب]
والدليلُ على وجوب قتل السَّابِّ لله أو رسوله أو دينه أو كتابه، ونقض عهده بذلك - إن كان ذِمِّيًّا -: الكتابُ والسنةُ وإجماعُ الصحابة والتابعين والاعتبار.
_________
= إلى الأخرى وجعل المسألتين على روايتين مع وجود الفرق بينهما نصًّا واستدلالًا، أو مع وجود معنى يجوز أن يكون مستندًا للفرق غير جائزٍ" اهـ.
(^١) انظر "الأم": (٤/ ٢٠٨ - ٢١١).
(^٢) كذا، وفي أصله: "يحملون".
1 / 35