Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
ناشر
دار الهجرة للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
اصناف
أغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنا واتَّبَعَ هَوَاهُ﴾ (١) فَجَعَلَ الْأَمْرَ مَحْصُورًا بَيْنَ أَمْرَيْنِ، اتِّبَاعِ الذِّكْرِ، وَاتِّبَاعِ الْهَوَى، وَقَالَ ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ﴾ (٢) .
وَهِيَ مِثْلُ مَا قَبْلَهَا. وَتَأَمَّلُوا هَذِهِ الْآيَةَ فإنَّها صَرِيحَةٌ فِي أنَّ مَنْ لَمْ يَتَّبِعْ هُدَى اللَّهِ فِي هَوَى نَفْسِهِ، فَلَا أَحَدَ أَضَلُّ مِنْهُ.
وَهَذَا شأْن الْمُبْتَدِعِ، فإنَّه اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ. وَهُدَى اللَّهِ هُوَ الْقُرْآنُ.
وَمَا بَيَّنَتْهُ الشَّرِيعَةُ وَبَيَّنَتْهُ الْآيَةُ أنَّ اتِّبَاعَ الْهَوَى عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا، أَنْ يَكُونَ تَابِعًا لِلْأَمْرِ والنهي فليس بمذموم ولا صاحبه بضال.
والآخرُ أَنْ يَكُونَ هَوَاهُ هُوَ الْمُقَدَّمُ بِالْقَصْدِ الأوَّل، والمبتدع قدم هوى نفسه على هدى الله فَكَانَ أَضَلَّ النَّاسِ وَهُوَ يَظُنُّ أنَّه عَلَى هدى.
وهنا مَعْنًى يَتَأَكَّدُ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ أنَّ الْآيَةَ الْمَذْكُورَةَ عَيَّنَتْ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ طَرِيقَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: الشَّرِيعَةُ، وَلَا مِرْية فِي أنَّها عِلْمٌ وَحَقٌّ وَهُدًى؛ وَالْآخَرُ الْهَوَى، وَهُوَ الْمَذْمُومُ، لأنَّه لم يذكر في القرآن إلا في سياق الذَّمِّ، وَلَمْ يَجْعَلْ ثمَّ طَرِيقًا ثَالِثًا. وَمَنْ تتبع الآيات، ألفى ذلك كذلك.
_________
(١) الكهف: ٢٨.
(٢) القصص: ٥٠.
1 / 19