Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
ناشر
دار الهجرة للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
اصناف
الشَّارِعُ.
وَهَذَا إِنْ كَانَ مَقْصُودًا لِلْمُبْتَدِعِ فَهُوَ كفرٌ بِالشَّرِيعَةِ وَالشَّارِعِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْصُودٍ، فهو ضلال مبين.
(الرابع) أنَّ الْمُبْتَدِعَ قَدْ نَزَّل نَفْسَهُ مَنْزِلَةَ الْمُضَاهِي لِلشَّارِعِ، لأنَّ الشَّارِعَ وَضَعَ الشَّرَائِعَ وَأَلْزَمَ الْخَلْقَ الْجَرْيَ عَلَى سُنَنِهَا، وَصَارَ هُوَ الْمُنْفَرِدَ بِذَلِكَ، لأنَّه حَكَمَ بَيْنَ الْخَلْقِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ. وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ التَّشْرِيعُ مِنْ مُدْرَكَاتِ الْخَلْقِ لَمْ تُنَزَّلِ الشَّرَائِعُ، وَلَمْ يَبْقَ الْخِلَافُ بَيْنَ النَّاسِ. وَلَا احْتِيجَ إِلَى بَعْثِ الرُّسُلِ ﵈.
هَذَا الَّذِي ابْتَدَعَ فِي دِينِ اللَّهِ قَدْ صيَّر نفسه نظيرًا ومضاهيًا [لله] حَيْثُ شَرَعَ مَعَ الشَّارِعِ، وَفَتَحَ لِلِاخْتِلَافِ بَابًا؛ ورد قصد الشارع في الانفراد بالتشريع.
(الخامس) أنَّه اتِّبَاعٌ لِلْهَوَى لأنَّ الْعَقْلَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّبِعًا لِلشَّرْعِ لَمْ يَبْقَ لَهُ إِلَّا الْهَوَى وَالشَّهْوَةُ؛ وَأَنْتَ تَعْلَمُ مَا فِي اتِّبَاعِ الْهَوَى وأنَّه ضَلَالٌ مُبِينٌ. أَلَا تَرَى قَوْلَ الله تعالى: ﴿يا داودُ إنَّا جعلناكَ خَلِيفَةً فِي الأرضِ فاحكمْ بينَ النَّاسِ بالحقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سبيلِ اللَّهِ، إنَّ الَّذينَ يَضِلُّونَ عَنْ سبيلِ اللَّهِ لَهُمْ عذابٌ شديدٌ بِمَا نَسُوا يومَ الحِساب﴾ (١) .
فَحَصَرَ الحكمَ فِي أَمْرَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا عِنْدَهُ، وَهُوَ الْحَقُّ وَالْهَوَى، وَعَزَلَ الْعَقْلَ مُجَرَّدًا إِذْ لَا يُمْكِنُ فِي الْعَادَةِ إِلَّا ذلك. وقال ﴿ولا تُطِعْ مَن
_________
(١) ص: ٢٦.
1 / 18