شديدا لما شاهد نوح عليه السلام فلما سكن ما عنده قال له : أين الماء الذي تسير فيه يا نوح؟
قال : الآن تراه يأتيك من مكانك هذا. وفي الخبر : أن ماء الطوفان كان حارا محرقا ، فقال الملك لنوح عليه السلام : انزل من هذه السفينة أنت ومن معك وإلا أحرقتكم. فغضب نبي الله وقال له : ويلك ما أشد اغترارك بالله تعالى ، ارجع إلى الله وإلا العذاب بين / يديك. فغاظه وأمر من معه أن يرموا السفينة بالنار ففعلوا فرجعت النار عليهم.
** خبر الطوفان :
فلما وصلتهم النار أحرقت منهم جمعا كثيرا ، فاشتد خوف ملكهم ، وزاد رعبه ، وضاق به الرحب ، وعلم أنه هالك فيمن هلك ، وأتاه آت ، وقال له : بينما يشحر في تنور لها (1) نبع الماء من تحته ، فاطلب النجاة لنفسك ، فقال : وما مقدار ما نبع من تحت تنورها؟.
فقال له نوح عليه السلام : ويلك ، هذه علامة السخط ، وبهذا أخبرني ربي ، وآية ذلك : أن الأرض تتخلخل جميعها ويأتي الماء منها وستراه الآن ينبع من تحت قوائم فرسك. فحول فرسه من مكانها ، فرأى الماء ، فعدل بها إلى مكان آخر فرآه قد زاد وتكاثر ، فنكص على عقبه لينجو بنفسه وأهله وينتقل إلى الحصون التي عملها على رؤوس الجبال ، وهو في الطريق إذ الأرض قد تخلخلت ونبع الماء فساخت أرجل الدواب فترجلوا عنها. وقد تفتحت أبواب السماء بالماء ( وحيل بينهم وبين ما يشتهون ) [سبأ : 54] وصار بعضهم يصادم بعضا فيقع على وجهه وهم لا يدرون أين يتوجهون ، وصارت المرأة تحمل ولدها على كتفها فإذا ألجأها الماء طرحته عنها ، وكان ابن نوح من درمسيل فناداه : ( يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ) [هود : 42] فأبى كما أخبر الله عنه ، وقد بلغ الماء رؤوس الجبال وعلي عليها أربعون ذراعا ، فأهلك الله الملك وأهله وعسكره ، وهلك بأمر رب نوح جميع من في الأرض ولم يسلم سوى السفينة وما فيها.
وقيل : إنها بقيت على الماء ستة أشهر وسارت شرقا وغربا وطافت مكان الكعبة وكان معهم خرزة يعرفون بها الليل والنهار ، إذا كان وقت الليل أضاءت ، فإذا جاء وقت النهار (2) خمدت ، ويعرفون بها مواقيت الصلاة ، وفي التوراة : أن الله تعالى آلى على
صفحہ 50