301

فقال : ومن سيدك؟

فقالت : فلان.

فأمر بهما لداره مكرمين. فلما أصبح طلب سيدها ، ودفع له ثمنها ثم أنه كساهما معا كسوة حسنة ووهبها له فقبلا يده ، ثم أن الجارية أنشدت تقول :

لقد جدت يا ابن الأكرمين بنعمة

جمعت بها شمل المحبين في ستر

قال : فأعجب الوزير فصاحتها مع حسن صباحتها وأمر لهما بمال يعيشان فيه مدى حياتهما. فرحم الله الكرام.

** ومن محاسن الجود ما وقع من عبد الله بن معمر :

/ وذلك أن فتى كان ذا مال ونعمة فسلبه الدهر ما كان معه حتى لم يكن يملك غير جارية لا تقع العين على حسن مثلها ، قد كملت حسنا ومعنى ، جمعت بين الفضل والأدب وآلات المسموع ، ومحاضرة الشعر ، والمنادمة ، وغير ذلك. فلما افتقر سيدها وضاق حاله قال لها : يا قرة عيني ترين ما نحن فيه من ضيق الحال وضنك (1) المعيشة ، فإن رأيتي أن أبيعك لأحد من أهل النعمة تنتفعي أنت بالنعمة وأتوسع أنا بالثمن ، وو الله إن فراق روحي أهون علي من فراقك. فبكت واغتمت (2) غير أنها لم تر بدا من ذلك ، فاستشار سيدها رجلا من ذوي العقول (3)، فأشار عليه أن يعرضها على عبد الله بن معمر ، ففعل. فلما رآها كادت تأخذ بمجامع قلبه ، وهاله ما رأى من حسنها.

فقال لسيدها : كم رجوت ثمنها؟

فقال : ألف دينار.

فقال : لك ذلك وفرس من مراكيبي بسرج من ذهب ، وبدلة من ملابسي ، أرضيت؟

قال : أرضاك الله ، قد رضيت ، فأمر له بذلك.

وأمر بها (4) لداره ، فوقفت الجارية بجانب الستارة وبكت بكاء شديدا ، ثم أشارت لسيدها تقول هذه الأبيات :

صفحہ 310