أن ينطبق عليهم ، فقال واحد منهم : اجعلوا في وسطي حبلا واقبضوا على طرفه الآخر ، وأنا أتقحمه ، فإن خفتم علي فجروني إليكم ، ففعلوا ، فانطبق عليه وسمعوا عظامه تتكسر ، وجاءتهم صيحة شديدة ، فسقطوا جميعا ، ثم فاقوا ، وقد ضاق بهم الأمر ، فجهدوا في الخروج منه ، فلما صعدوا من الزلاقة ، فمنهم من نجا ومنهم من تردى ، فقعد الباقون في سفحة الهرم حزنا على أصحابهم متعجبين من أمرهم ، نادمين على فعلهم فبينما هم كذلك ، وإذا بصاحبهم قد أخرجته الأرض لهم ، فقام وحدثهم بكلام كاهن لم يفهموه (1)، فوقف عليه رجل من بلاد الصعيد كان معهم ، قال : يقول : هذا جزاء من طمع فيما ليس له ، ثم خر ميتا ، فدفنوه.
ودخل جماعة إليه : وطافوا به فلما انتهوا إلى أسفله رأوا أرضا فساروا فيها فرأوا عجائبا كثيرة فمن ذلك : قبة تحتها كالمطهرة يقطر فيها الماء ثم يغيض.
ووجدوا مجلسا مربعا حيطانه وحجارته ملونة عجيبة ، فعمد أحدهم إلى حجر فحمله في كمه ، فخرج من موضع ذلك الحجر ريحا شديدا شد أذنيه فجاهد نفسه وتصبر ولم يفلته ، ثم مشوا قليلا فرأوا مكانا فيه ذهب مضروب [دنانير] (2) زنة كل دينار مائة مثقال ، فأخذوا منه وأرادوا المشي ، فلم يستطيعوا أن يتحركوا ، فردوه مكانه ، وتخلصوا ، ومشوا قليلا ، فرأوا صفة عليها صورة شيخ مصنوع / من حنتم أخضر كأنه مشتمل بشملة ، وبين يديه تماثيل صغار في زي الصبيان ، وكأنه يعلمهم ، فأخذوا شيئا فرسخوا مكانهم ، فوضعوه ، ومشوا قليلا فرأوا بيتا مسدودا وداخله دوي عظيم وحس وزمزمة ، فلم يقفوا عنده ، فرأوا مجلسا مربعا عليه صورة ديك معمول من جوهر أحمر قائم على أسطوانة خضراء ، وله عينان مفتوحتان يضيء منها ذلك المكان ، فدنوا منه فصاح صياحا مزعجا وصفق بجناحيه ، فوجدوا لذلك هيبة عظيمة ، فذهبوا عنه سائرين في أرض الهرم متفرجين في عجائبه ، حتى انتهوا إلى مكان فيه صنم من حجر أبيض في صورة امرأة منكسة على رأسها ، وعلى جانبها أسدان من حجارة ، يريدان أن ينهشانها. ثم ساروا قليلا فلاح لهم نور فاتبعوه فوجدوه فوهة عليها تمثالان من حجر أسود معهما كالمزراقين وبجانب الفوهة نقرة زي (3) الوعاء ، وفيها خصبا فأخذوا منه ، وخرجوا من تلك الفوهة إلى الصحراء (4)، فساروا نحو الشرق يوما حتى وصلوا إلى الهرم ، وكان ذلك في زمن عبد الله والي مصر ، فاجتمعوا به ، وقصوا عليه ما جرى لهم ، فأرسل معهم جماعة
صفحہ 39