الغدران ، [فقال] (1): فتروا أن أنقلكم / إلى مكان أخصب من هذا وأطيب عيشا منه؟
فقالوا : أما عيشنا فهو أطيب عيش ، وأما من أمر المال ، فإن جزيرتنا مملوءة ذهبا ، قال لهم : أريد أن تطلعوني على ما ذكرتم ، فذهبوا به إلى واد في ناحية الجزيرة ، وفيه من ألوان الجوهر كالدر ، والياقوت ، شيء كثير فوق ما تتوهمه النفوس ، فتعجب الإسكندر من ذلك ، ثم أنهم عطفوا به إلى ما وراء ذلك الوادي ، فرأى أرضا واسعة كبيرة ، واسعة القضاء ، يمتد في حسنها الناظر ، وينبسط إليها الخاطر ، وفيها أصناف الفواكه والثمار والأشجار ، وما لا يوجد في غيرها من المدن العامرة ، فجعل الإسكندر يتأمل في سعتها ، ومحاسن غروسها ، وكثرة أشجارها ، وطيب رائحتها ، وأنهارها ، ومع ذلك لم يلتفتوا إليها.
ثم قالوا له : ألك قدرة على مثل هذا ، ونحن نؤثر الحشيش عليه ، إذا احتجنا أخذنا منه الكفاء وشربنا من أنهارها الرواء ، وعلى الدنيا العفاء.
ثم أنه ودعهم ، ولم يلتمس منهم شيئا من ذلك هو ولا قومه.
** ووصف الإسكندر جزيرة في البحر الأخضر :
فيها قوم حكماء ، فسار إليهم ، فرأى قوما سرابيلهم ورق الأشجار ، ومساكنهم كهوف الجبال ، وعليهم السكينة والوقار ، فاجتمع بهم وسألهم عن شيء من الحكمة فأجابوا عليها ، ثم قال لهم : ألكم حاجة؟ قالوا : نريد الخلود ، قال : لست ممن يقدر على زيادة نفس لنفس.
قالوا : تعرفنا ما بقي من آجالنا؟
قال : ما أعرف هذا لنفسي ، فكيف لغيري؟
حكي أن بعض المتقدمين من حضرموت دخل على معاوية ، وكان قد بلغ من العمر ثلاثمائة سنة وسبع سنين ، فقال له معاوية : يا شيخ ما كانت صناعتك؟
قال : التجارة (2)، وكنت لا أخفي عيبا (3) ولا أرد ربحا.
فأعجب معاوية كلامه ، وعرف أنه حكيم ، فقال له : اسألني حاجتك!
قال : رد علي شبابي!
قال : ليس هذا في قدرتي.
صفحہ 33