يقال لهم: أخبرونا عن قولكم هذا الذي قلتموه من زعمكم: أن لا شيء على الحقيقة، أذلك القول منكم على الحقيقة أم على غير الحقيقة؟ فإن قالوا: على غير الحقيقة خرجوا من حد المناظرة، على أنهم خارجون من حدها أولا، وإن قالوا: على الحقيقة أثبتوا الحقائق، وأقروا بها، ونقضوا مذهبهم، وكذلك يسألون عن قول من خالفهم، أخطأ هو أم غير خطأ؟ فإن قالوا: خطأ قيل لهم: على حقيقة الخطأ أم على غير حقيقته؟ فإن قالوا: على حقيقة الخطأ أقروا بالحقائق وأثبتوها، وإن قالوا: على غير الحقيقة قيل لهم: فكيف تنكرون على من خالفكم إذا كان الذي ادعيتم إنما قلتموه على غير الحقيقة، ولم تثبتوا خطأ من خالفكم على حقيقة الخطأ. وذكر أبو عيسى الوراق (¬1)
¬__________
(¬1) - يقول الدكتور عمار طالبي: أبو عيسى الوراق: محمد بن هارون، يعتبره الشيعة من متكلمي الإمامية، ومن أقدم من ألف في فرق الشيعة راجع كتاب المقالات والفرق: (تحقيق الدكتور محمد جواد مشكور، مطبعة "حيدري" طهران 1963، (ص) يج من المقدمة)، أما ريتر Ritter فقد جعله من مؤلفي كتب الشيعة فحسب (الأشعري: مقالات الإسلاميين فهرست)، ونسبه الزركلي في الإسلام إلى المعتزلة، وكذلك فعل ستيرن في دائرة المعارف الإسلامية، الطبعة الثانية، وجزم ابن النديم بأنه من الزنادقة وبأنه ما نوى مشهور، قرنه بذكر أبي العباس الناشئ، والجبهاني محمد بن أحمد (الفهرست ص 474)، وينقل عنه أكثر مؤلفي المقالات، وآراء الفرق غير الإسلامية كالمانوية والديصانية، مثل القاضي عبد الجبار في (الفرق غير الإسلامية من "المغني")، والأشعري في المقالات، والشهرستاني في الملل وغيرهم..وقد كتب أبو عيسى الوراق في الرد على المسيحية أكمل رد في علم الكلام، ووصلنا مؤلفه في هذا عن طريق رد يحيى بن عدي في (مخطوطين في باريس رقم 113/114)، وكتابه يشتمل على قسمين أساسين: الرد على الثالوث الذي تأثر فيه بالكندي أبي يعقوب، وهذا النص محفوظ في (مخطوط رقم 169، باريس)، والقسم الثاني: موجز في الاتحاد والحلول؛ وهو الجزء الذي استفاد منه الباقلاني في كتابه التمهيد في فصل الرد على النصارى، كما استفاد منه الجاحظ في رده على النصارى أيضا، وقد نشرت المختصرات الصغيرة ليحيى بن عدي سنة 1920م في باريس، نشرهاA. Perier ، وأغلب الظن أن أبا عيسى كان شيعيا إماميا ثم اعتزل، رغم أن ابن النديم والقاضي عبد الجبار يزعمان أنه ثنوي، وقال الشهرستاني: إنه كان مجوسيا في الأصل، ولهذا كان ذا معرفة بالفرق والآراء، وتذكر بعض المصادر (دائرة المعارف الإسلامية 3/15 تحت كلمة إنجيل) أن يحيى بن عدي المسيحي؛ وهو تلميذ الفارابي ألف كتابا يدافع فيه عن المسيحية، وأهداه إلى أبي عيسى الوراق يرد فيه على نقد الكندي لفكرة التثليث المسيحية، وتوفي أبو عيسى في 247ه، 861م، وقد شك Stern في هذا التاريخ، ولأبي عيسى من الكتب: كتاب اختلاف الشيعة والمقالات، وكتاب المقالات في الإمامية، وكتاب المجالس، نقل عنه المسعودي في المروج 7/236، ونسب إليه المانورية زورا كتاب الغريب المشرقي، وكتاب النوح على البهائم، فيما يقول المرتضى في الشافعي ص17، هذا وقد ألف المستشرق A. Abel سفرا في أبي عيسى الوراق Abu Isa al Warraq . [عمار الطالبي].
صفحہ 32