مهربو كتب تمبكتو
مهربو كتب تمبكتو: السعي للوصول إلى المدينة التاريخية والسباق من
اصناف
وما إن أصبح توريه حرا، حتى انطلق مجددا إلى الشمال.
كانت أخطر اللحظات التي وصفها المسئولون على عملية إجلاء المخطوطات كانت عندما احتجز الناقلون وخزائنهم من أجل الحصول على فدية.
كان الطريق الرئيسي من تمبكتو إلى باماكو يمضي على امتداد الضفة اليمنى، أو الجنوبية، للنهر، عبر مراكز تجمع السكان في وسط مالي؛ دوينتزا، وسيفاري، وموبتي، وسيجو. ومع ذلك كان يوجد طريق آخر على امتداد الضفة اليسرى للنهر. بدلا من التوجه جنوبا من تمبكتو إلى كوريومي وعبور النهر بالعبارة، يمكن لسيارات الدفع الرباعي أن تسلك المسار غربا عبر الصحراء ذات الكثافة السكانية المنخفضة إلى نيافونكي وليري قبل عبور النهر إلى سيجو. كانت رحلة طويلة وجامحة لمئات كثيرة من الأميال، عبر رمال عميقة وحول بحيرات كانت تمتلئ وتفرغ تبعا لإيقاع فيضانات نهر النيجر. ومع ذلك لو كان هذا الطريق آمنا، كان الناقلون سيتجنبون نقاط التفتيش ويوفرون على أنفسهم قدرا كبيرا من المتاعب والمال. أخبر الكثير من الناس حيدرة أنه لا توجد مشاكل في طريق ليري؛ لذا قرروا أن يجربوه.
تصادف أن السيارة التي اختيرت لهذه التجربة الأولى كانت سيارة دفع رباعي عتيقة، «خربة»، كما وصفها حيدرة، ظلت تتعطل مرارا وتكرارا: «أتعرف، في ذلك الوقت، كانت كل السيارات التي تستأجرها سيارات خربة. كانت السيارات التي تصل من سيفاري، على سبيل المثال، متهالكة، ولم يكن لها حتى أوراق سليمة. كان يتعين عليك دوما أن تأخذ سيارة أخرى.» كانوا بالكاد قد قطعوا مائة ميل عندما رن هاتف حيدرة ليحمل أنباء مقلقة: كانت مجموعة من الرجال قد أوقفت الناقلين تحت تهديد السلاح وهم الآن محتجزون رهائن. لم يكن لدى حيدرة أدنى فكرة عن هوية الرجال المسلحين أو مدى الخطورة التي يمكن أن يكونوا عليها - كان من الممكن أن يكونوا من الجهاديين أو من الحركة الوطنية لتحرير أزواد، ولكن كان الأرجح أنهم كانوا ينتمون إلى واحدة من مجموعات قطاع الطرق العديدة التي كانت تجوب الصحراء. قال حيدرة: «أخذوا السيارة وهددوا الأشخاص الذين كانوا بداخلها.» ثم أردف: «قالوا إنهم لن يدعوا السيارة تمضي وإنه يتعين علينا أن ندفع شيئا.»
كان من شأن موت ناقل واحد أن يعني لحيدرة إفساد المشروع كله: «إن وقع أمر سيئ لهؤلاء الرجال، فسيصبح كل عملنا بلا قيمة. وستكون هذه مشكلة كبيرة.» لذلك حاول أن يتفاوض مع الخاطفين أن يطلقوا سراح الرجال والخزائن. ولكن كان من المستحيل إجراء مثل هذه المحادثة الدقيقة عبر شبكة الهاتف المحمول المتقطعة: «لم يكن بوسعي أن أتوصل إلى تفاهم معهم. أرادوا أن يقتادوا الناقلين بعيدا. لم أعرف ما الذي يمكن أن يفعلوه بهم. لم أعرف ما كان سيحدث! أصيبوا بخوف شديد. ونحن أيضا أصبنا بخوف شديد.»
ولكنه كان يعرف نيافونكي جيدا، واتصل بأحد أصدقائه، الذي اتصل بدوره بإمام موقر كان يعيش في القرية التي كان الرجال محتجزين فيها. ذهب الإمام ليتحدث مع الخاطفين بالنيابة عن حيدرة. قال حيدرة: «تكلم معهم، وتفاوض على مبلغ من المال، وأعيدت إليهم سيارتهم وسمح لهم بالمرور.» لقد ساعد في الأمر أن السيارة كانت حطاما حتى إن الخاطفين لم يرغبوا فيها.
كانوا قد احتجزوا رهائن مدة أربع وعشرين ساعة، واستغرق الأمر من الناقلين ثمانية أيام لبلوغ باماكو . تذكر حيدرة: «ثمانية أيام لأن السيارة لم تكن جيدة وأمضوا يوما محتجزين كرهائن!»
كانت المرة الوحيدة التي جربوا فيها الطريق عبر ليري. قال حيدرة: «لم نفعل ذلك مجددا.» •••
قرب نهاية عام 2012، أبلغت سافاما السفارة الألمانية في باماكو أن ما بين 80 ألفا و120 ألف مخطوطة قد أجليت بنجاح من تمبكتو. ولكن في هذا الوقت، كانت الأزمة المالية تدخل مرحلة أكثر خطورة بكثير. في الأسبوع الثاني من شهر ديسمبر، دعا إياد آغ غالي إلى عقد مؤتمر لشيوخ القبائل والجماعات الجهادية في إساكان، التي كانت على بعد ساعتين بالسيارة غرب تمبكتو. كان هذا المكان الذي يضم الكثبان الرملية البيضاء المتماوجة رمزيا إلى حد كبير لجماعة أنصار الدين وحلفائها؛ فهنا كان يعقد مهرجان يسمى «مهرجان في الصحراء» كل عام منذ عام 2003، وكان موسيقيون غربيون مثل روبرت بلانت وديمن ألبارن يعزفون جنبا إلى جنب مع نجوم ماليين مثل ساليف كيتا وعلي فاركا توريه. كان النجم الأيرلندي البارز بونو قد غنى هناك مع فرقة الطوارق الموسيقية تيناريوين في يناير من ذلك العام.
لن يعقد هذا المهرجان في عام 2013. كانت الحفلات الموسيقية محظورة في جمهورية أزواد الإسلامية، وبدلا من الموسيقيين كانت الكثبان الرملية في تلك الأيام تعج بالمقاتلين الجهاديين. في نهاية القمة، ذكر شهود عيان أنهم رأوا أكثر من ثلاثمائة شاحنة صغيرة تتجه مسرعة صوب تمبكتو، والجهاديون متشبثون في الخلف، يصيحون «الله أكبر!» لم يكن واضحا ما كان يعنيه كل هذا، ولكن سرت شائعات في أنحاء تمبكتو بأن قرارا استراتيجيا قد اتخذ.
نامعلوم صفحہ