مهربو كتب تمبكتو
مهربو كتب تمبكتو: السعي للوصول إلى المدينة التاريخية والسباق من
اصناف
جرب رجال المكتبات مسلكا جديدا، فحددوا مواعيد مع كبار الشخصيات في الحكومة المالية ممن كانوا مسئولين عن التراث. بدءوا بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الإدارة الحكومية المسئولة عن معهد أحمد بابا. قال لهم حيدرة إن مخطوطات تمبكتو معرضة للخطر، لكن رجال المكتبات لم يكن لديهم الوسائل لإنقاذها. سألهم: «ما الذي ستفعلونه لمساعدتنا؟»
قال له الأمين العام للإدارة: «الحال الذي أراك عليه اليوم يجعلني أعرف أنك جاد.» ثم أردف: «ولكنني سأخبرك ببعض الأمور. لا يمكننا أن نساعدكم سياسيا، ولا ماديا، بأي طريقة. الأمر الوحيد الذي يمكنني أن أقوله لك هو أنه يجب عليك أن تفعل كل ما بوسعك أن تفعله في هذا الشأن. نحن نساندك.»
بعد ذلك ذهبوا إلى وزارة الثقافة، التي كانت تشرف على مجموعات المخطوطات الخاصة. قال حيدرة نفس الكلام وتلقى نفس الإجابة. تذكر أنه قيل له إن عليه أن يفعل ما في وسعه، وإنهم يساندونه. قال حيدرة: «قلت لهم إنني سأحاول، ولكنني أردت أن يكونوا على دراية بالأمر؛ لأنه إن حدثت مشكلات فسيتعين عليهم مساعدتي.» ووافقه المسئولون.
بمساندة الوزارتين، اتصل حيدرة بجهات اتصاله في الخارج. كان له صديق في جنيف، وطلب منه هذا الصديق أن يأتي إلى سويسرا، بل إنه دفع له ثمن تذكرة طائرته. أمضى حيدرة عدة أيام هناك، والتقى بأشخاص ممن كانوا يتعاملون مع التراث العالمي، ومن ضمنهم بعض ممن كانوا قد عملوا على إنقاذ المخطوطات في العراق وأفغانستان. قالوا له إنه ينبغي أن يبدأ العملية في القريب العاجل، ولكن أن يأخذ الأمر بروية وحذر. وحتى إن تمكن من تهريب مخطوطة واحدة من المدينة كل يوم، كان من شأن هذا أن يكون أمرا يستحق العناء. أعطته امرأة نصيحة كان من شأنها أن تعلق في ذهنه. تذكر قائلا: «قالت يجب عليك ألا تخسر أي شخص يبدأ في العمل معك.» وأردف: «ثم أضافت: يجب عليك أن تبقيهم دوما سعداء، حتى وإن لم يكن يهمك هذا، حتى إن أقدموا على حسابات خاطئة. قالت لي هذا ثلاث مرات.»
عاد من سويسرا وفي ذهنه أفكار كثيرة، ولكن كان لا يزال ينقصه المال.
في ذلك الوقت أراد إسماعيل هو الآخر أن يسافر. بالنسبة إلى رجل كان يحب أن يمضي ساعة كل صباح ومساء في السير في الصحراء المفتوحة حول تمبكتو، كانت باماكو خانقة. كانت القرية التي كان مونجو بارك قد مر بها في عام 1796 عبارة الآن عن مدينة يزيد تعداد سكانها عن مليوني نسمة، أضف إلى ذلك الآلاف الذين كانوا يصلون من الشمال كل أسبوع. كانت بيوتها المبنية بالقوالب الأسمنتية تمتد لمسافة عشرين ميلا؛ وشوارعها وجسورها مزدحمة بالسيارات التي لا تتوقف عن إطلاق النفير وإخراج عادم بني في الهواء الرطب. كان مما يزيد من إحساس إسماعيل بالاختناق التوتر السياسي الذي كان يمتد في بعض الأحيان متحولا إلى قتال بالأسلحة النارية في الشوارع، واشتمل ذلك على محاولة انقلاب مضاد أقدم عليها حرس الرئيس المخلوع أسفرت عن أربعة عشر قتيلا.
قال: «لم يكن الحال جيدا في باماكو.»
وإذ كان قد أبعد عن تمبكتو، وقد خبئت مخطوطات مكتبته فوندو كاتي، لم يكن لديه الكثير مما يربطه بمالي وبأزمتها. قرر أن يعود إلى وطنه الثاني، الأندلس.
تفهم رجال المكتبات الآخرون الأمر. قال حيدرة: «ما حدث أن صديقنا إسماعيل أصابه التعب.» ثم أضاف: «قال: «حسنا. سأترككم تتابعون الأمر.»»
قال معيجا: «كانت حقيقة الأمر أننا بينما كنا نبحث عن حلول، لم يكن لدى إسماعيل أي مشكلة.» ثم أردف: «كان معنا ليعطينا أفكارا. وبحلول الوقت الذي اتخذنا فيه القرار بالتدخل، كان قد غادر إلى إسبانيا. كان قد كفل التأمين لمخطوطاته قبل الذهاب، ثم غادر.»
نامعلوم صفحہ