مهربو كتب تمبكتو
مهربو كتب تمبكتو: السعي للوصول إلى المدينة التاريخية والسباق من
اصناف
الفصل التاسع
فارس بلا رأس
أبريل-مايو 2012
عاد حيدرة إلى باماكو في بداية شهر مايو ليجد العاصمة في حالة من الفوضى. تنحى الضابط الذي كان قد قاد الانقلاب في العاصمة، النقيب أمادو «بولي» سانوجو، بعدما واجه عقوبات اقتصادية قاسية فرضتها دول غرب أفريقيا المجاورة، وتألفت الحكومة في ذلك الوقت من تحالف غير مستقر بين مؤيديه ورئيس مدني مؤقت. في غضون شهر كانت البلاد قد فقدت قائدها المنتخب ونصف أراضيها، وقطعت المساعدات الأجنبية التي كانت تعتمد عليها، وسحب الدبلوماسيون وأغلقت السفارات أو تركت بموظفين أساسيين. وعلى حد تعبير منظمة العفو الدولية، كانت مالي في خضم «كارثة دولية كبرى.»
في الرابع والعشرين من أبريل كان مدير جديد قد تولى رئاسة معهد أحمد بابا. كان عبد القادر إدريسا معيجا رجلا عنيدا قوي البنية، ولم يكن من الممكن أن يبدأ وظيفته الجديدة في وقت أسوأ من ذلك. كان سلفه قد سلمه وثيقة مثنية الحافة في حافظة بلاستيكية فيها قائمة بأصول المؤسسة، ولكن الله وحده كان يعلم كم بقي منها. كان مقر عمله في تمبكتو يستخدم ثكنة للجهاديين، وكان موظفوه قد لاذوا بالفرار، ولم يكن معه أي أموال، حيث كان أحد القرارات الموضوعية القليلة للحكومة منذ الانقلاب هو إيقاف الإنفاق بالكامل على الشمال. كان يوجد أيضا تهديد فعلي للمخطوطات التي كانت مهمته حمايتها. إذن ماذا كان بوسعه أن يفعل؟
بدأ بتجميع مبلغ أربعمائة دولار شهريا بصعوبة لاستئجار غرفتين فوق متجر سمك ودجاج تتفشى فيه الجرذان في ضاحية كالابان كورا في جنوب باماكو. من هناك، سيحاول أن يتوصل إلى كيفية دفع مرتبات موظفيه، وكيفية البقاء على اتصال مع القليلين الذين بقوا في تمبكتو. كان على اتصال دوري بعبد القادر حيدرة في الفترة التي سبقت بدء وظيفته الجديدة - في الواقع، كان حيدرة هو الذي أخبره بأن المنصب سيعرض عليه - وحينئذ اقترح التمبكتي أن يعقدا اجتماعا.
سأله معيجا: «مع من؟» «مع إسماعيل ديادي حيدرة. سأتصل به.»
وحيث إن معيجا كان الوحيد الذي لديه مكتب في باماكو، اتفق الرجال الثلاثة على أن يتقابلوا هناك. وبعد وقت قصير كان المسئولون عن أشهر مجموعات مخطوطات في تمبكتو، الذين كان بوسعهم أن يزعموا فيما بينهم أنهم يتحكمون في حوالي 90 ألف وثيقة من وثائق المدينة، يلتقون بصفة شبه يومية. تذكر عبد القادر حيدرة قائلا: «اجتمعنا، وتكلمنا عن المخطوطات، وتحدثنا عما كان يتعين علينا فعله للحصول على مساعدة.»
كان التباين بين هذه الشخصيات الثلاثة واضحا. كان معيجا، الذي كان مباشرا في حديثه، وفظا أحيانا، رئيسا سابقا لقسم اللغة العربية في جامعة باماكو وكان قد عمل على مشروع لرقمنة المخطوطات وتصنيفها يطلق عليه
MLI/015 «مالي خمسة عشر» لذا كان يعرف المخطوطات، لكنه كان مبتدئا بالمقارنة بزملائه مالكي المخطوطات. أما إسماعيل، فكان شديد التهذيب، وأرستقراطيا، وذا شخصية آسرة. كان يقول إنه كان سليلا للعلامة التمبكتي الذي كان يعيش في القرن السادس عشر، محمود كاتي، الذي سميت مكتبته فوندو كاتي تيمنا باسمه، وكان يحتفظ ببيت في غرناطة. ثم كان يوجد حيدرة نفسه، الذي كان يزعم هو الآخر أنه كان سليل عائلة تمبكتية من العلماء. كان يمكن أن يكون متقلبا، ويوزع المعلومات حسبما يناسبه، لكنه كان يحب أن يجعل الناس يضحكون، حتى في لحظات التوتر الشديد. كان من شأنه هو وإسماعيل أن يخاطب كل منهما الآخر مازحا في هذه الاجتماعات بقوله «يا بني»، وحتى معيجا كان يتورط أحيانا في هذا المزاح الخشن. تذكر قائلا: «في البداية، كان حقا فريقا قويا.» ثم أضاف: «كنا حقا نثق بعضنا في بعض في البداية. كان حقا جوا وديا.»
نامعلوم صفحہ