يا للصدمة! ينتقل الواقع من اليمين إلى الشمال في طرفة عين، وينقلب الحق سريعا إلى بهتان ومين؟!
القصد، ثارت زميلتي «لوسي فرناي»، وخشيت علي سوءا فصممت على أن نسرع بهجر المنزل توا قبل أن تحل النكبة.
وكانت ليلة لن أنساها!
أخذنا عربة. وكنت في تلك الساعة أحس أن قلب العزيزة لوسي يكاد يقفز من بين جنبيها، وكان يخيل إلي أنني أسمع دقاته وهو يعلو ويهبط، إذ وقفت على سلم العربة لتحول بيني وبين أنظار المارة، وتستحث الحوذي أن يلهب ظهور خيله كي يبتعد بنا عن منزلنا قبل أن تغشانا الغاشية. نعم لم تشأ لوسي أن تجلس بجواري طول الطريق فظلت على هذه الوقفة حتى وصلنا إلى فندق «هليوبوليس هاوس» أمام المكان الذي تقع فيه الآن لوكاندة هليوبوليس بالاس بمصر الجديدة، ولم تكن هذه قد شيدت بعد.
وهناك في إحدى غرف «هليوبوليس هاوس»، نزلت مع لوسي وكانت الساعة قد تجاوزت الثانية صباحا.
بقيت في هذا الفندق عدة أيام لم تلهني فيها المخاوف عن واجبي الوطني، فقد كنت آتي إلى المسرح في كل صباح ، فأجتمع بالممثلين والممثلات وغيرهم، لنرتب أمورنا ولننظر في شئوننا. ولم تكن هذه الشئون غير مظاهرات نقوم بها هنا وهناك (لأن جميع المسارح كانت معطلة بأمر السلطة).
وجاء الاستقرار
ومضت على ذلك الحال أيام استقرت فيها أمور العامة، وسمحت السلطات لسعد زغلول «رحمه الله» بمغادرة منفاه في مالطة إلى «فرساي»، حيث عقد مؤتمر السلام كما كانوا يدعونه، وكانت النتيجة الطبيعية لذلك أن تفتح المسارح ودور اللهو، وأن تعود إلى ما عهده الجمهور فيها من تسلية، وأن تكون هذه العودة بشروط فيها شيء من الشدة، كتحديد مواعيد السهر، وكدقة المراقبة التي فرضتها الداخلية عليها، ونقول الداخلية ونحن على يقين من أنها كانت «مظلومة»، لأنها لم تكن إلا «مخلب القط» في أيدي السلطة الأجنبية!
ما علينا فلندع شأن السياسة، ولنبق في محيطنا الذي نحن بصدده. جاهدنا بعد أن عادت البلاد إلى ما يقرب من الحالة الطبيعية في أن يسمح لنا بتمثيل روايتنا المصادرة «قولوا له»، وقد سرني أن أصل إلى مبتغاي بعد أن كدت أيأس من الوصول إليه.
وجاءت الليلة الأولى لظهور الرواية ... فكيف أصفها؟ وأين لي قدرة الكاتب النحرير لأستطيع الدقة في التعبير؟
نامعلوم صفحہ