ومعي أنه قد قيل: ليس له أن يأكل الرجس المحرم، في حالة إذا ما وجد الطاهر الحلال، فلم يعارضه في معارض،ولا حجة تمنعه وتكفره مخالفتها، لأنه لو وجد أرباب الأموال فباعوا له من أموالهم ما يحي به نفسه، ويتعوض به من الضرورة بعدل السعر أو بأكثر من عدل السعر، لم يكن له أن يأكل من المحرمات الرجس، وكان عليه أن يشتري بقدر ما يحيي به نفسه ، ولا يثبت عليه في حال الضرورة، إلا عدل السعر، ولو اشتط عليه البائع في حال الضرورة، فباعه بأكثر من عدل السعر بنقد أو نسيئة، كان ذلك مردودا إلى عدل السعر في الحكم، وكان ذلك محجورا على البائع أن يشتط في حال الضرورة، لأن هذا حرام، ولأنه لا يجوز له أن يحتكر ماله حين يأخذ منه، بأكثر من عدل السعر، ولأنه قد جاء في الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن الاحتكار وكذلك بتحريم الاحتكار، لأنه من أكل أموال الناس بالباطل، واستغلال لحاجة المضطر، و اجباره على استيفاء حاجته، بما يخالف الوضع العادي، وكذلك قد جاء في الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن التاجر ينتظر الرزق، والمحتكر ينتظر اللعنة والعياذ بالله، وقد جاء كذلك في الأثر أن الحكرة المحرمة داخلة في جميع الضرر، والقاعدة أنه لا ضرر ولا ضرار، وأنه لا يجوز الإلجاء إلى الضرورة، وكل ضرورة لا تجوز فيها الحكرة، ولا تثبت فيها معاني الزيادة فوق عدل السعر، عند خوف الهلاك، وعند الالتجاء إلى الضرورة إلى استيفاء شيء مما يرجى به الفكاك من مطعوم أو مشروب أو مركوب، مطلوب أداء ثمنه بنقد ولا نسيئة، وليس عند خوف الهلاك، والضرورة إلى شيء من هذا أو مثله، يجوز الاحتكار بالمال ولا بشيء من الأملاك.
صفحہ 73