ومعي أن الحلال الطاهر في الأصل بكل حال، ما بقي له اسم غير مستهلك في النجاسة، ذلك لأنه أولى من المحرمات في الأصل، ويحيي به نفسه المضطر من ذلك نفسه، دون المحرمات في الأصل عندي، ما لم يغلب المحرم على المحلل، فيستهلكه فيصير حكمه حكمه، وينتقل إليه معناه واسمه، فهنالك يكون عندي مثله، فإذا صار مثله فبأيها شاء أحيى نفسه، إن كان مما يحيي ويعصم وهو من النجاسات، وأما إذا كان مما لا يحيي ولا يعصم، وهو من النجاسات التي أجمعوا عليها،ولا يوجد عندهم اختلاف في نجاستها، فلا يجوز في حال اضطرار ولا غيره، لأنه إنما جاز الانتفاع بالمحرم لاحياء النفس به، فإذا كان هذا النجس لا يعصم ولا يحيي، فهو على حاله من التحريم، ولا يجزئه أية رخصة. ومعي أنه قد قيل: إنه إذا وجد المضطر شيئا من المحرمات، مما يعصم ويحيي،وشيئا من أموال الناس الحرام،الذي لا يحل له بوجه من الوجوه الحلال، من بيع ولا هبة،ولا دليل على أنه يحيي نفسه عن المحرم المباح من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أشبهه، ولا يأكل من أموال الناس، لأن هذا مباح، ولا يلزمه فيه الضمان، وهذا يلزمه فيه الضمان، وجميعهما محجوران إلا عند الضرورة، فهذا عند الضرورة مباح،لا يتعلق عليه فيه حكم،وهذا يتعلق عليه فيه الحكم والضمان.
ومعي أنه قد قيل: هو مخير إن شاء أحيى نفسه من هذا، ولا تبعة عليه، وإن شاء أحيى نفسه من هذا كله، ودان بما يلزمه من الضمان، والأفضل له أن يختار ما يتعلق عليه فيه حكم، حتى لا يقع عليه الحكم والضمان معا.
صفحہ 72