وكذلك في اللباس إذا سأله أن يلبسه فأعطاه إياه، فقد يخرج في معنى الاطمئنان أنه لا يعطيه ثوبا نجسا ولا يعلمه، فعلى حسب ما يقع من معاني الاطمئنان في هذا، ويقرب إليه، جاز ذلك، وبمقدار ما تبعد عنه معاني الاطمئنان في ذلك، وقد علم الأصل أنه نجس، فهو على حال الحكم حتى تثبت معاني طهارته بحكم أو اطمئنان.
وعلى كل حال: فإذا كان قد صح معه نجاسته فلا يخرج حكم طهارته بشيء من هذه الأسباب إلا بعلم ذلك، ولو سأله أن يعطيه ثوبا يصلي فيه وكان ثقة أو مأمونا، -أعني صاحب الثوب - فقد يمكن أن يعلم بنجاسته وينساها، ويسلم إليه الثوب على سبيل النجاسة وهو سالم، إذ هو بالنجاسة غير عالم.
وكذلك عندي يخرج في هذا الثوب أنه نجس في الحكم ولو سلمه إليه ليصلي فيه، وقال إنه طاهر وهو ثقة أو مأمون، فلا يخرجه هذا من حكم النجاسة بالحكم إلا بالاطمئنان لقول الثقة، لأنه يمكن أن يكون ناسيا النجاسة التي قد علمها هذا، وقال له إنه طاهر لما عنده في الحكم أنه طاهر، فيكون على حال نجاسته، ولا يخرج عندي من حكم النجاسة بحكم الطهارة إلا أن يعلم أنه قد طهر من تلك النجاسة، وأنه قد طهر من تلك النجاسة التي قد علمها، أو يكون ثقة مأمونا.
فمعي أنه يخرج في عامة معاني قول أصحابنا أن قول الواحد الثقة المأمون حجة في قوله في طهارة نجاسة قد تنجست وممكن طهارتها، ونجاسة طهارة يمكن نجاستها.
ومعي انه يخرج أن تكون حجة في طهارة النجاسة، ولا يكون حجة في نجاسة الطهارة، لأن الطهارة أولى من النجاسة، ولأن الاسلام أولى من الكفر، ولأن أصل الأشياء طاهرة حتى تصح نجاستها، ولأن النجاسة من الطهارات حادثة والطهارة أصلية.
ومعي أنه يخرج في معاني ما قيل: إنه لا يقبل قول الواحد ولا يكون
حجة في شيء من ذلك في تطهير نجاسه أو تنجس طهارة في معاني الحكم، ولا يكون ذلك إلا بشاهدين في جميع ذلك.
صفحہ 61