معجز أحمد
اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
اصناف
بلاغت
روى نفدت قبل ينفد: أي فنيت. وروى فقدت قبل ينفذ الإقدام. ونفوس: رفع عطفًا على هممٌ، وانبرت: أي اندفعت وعرضت. أما بالذال: فمعناه إذا انبرت نفوسهم للقتال سبقت إلى الأعداء قبل سبق إقدام أعدائهم، وبالدال: معناه أن نفوسهم إذا انبرت لقتال فنيت بالقتال قبل أن يفنى الإقدام: أي يقتلون في الحال، وليس لهم إحجام.
وكفتك الصفائح الناس حتى ... قد كفتك الصفائح الأقلام
يقول: استغنيت بسيوفك عن نصرة الناس، ثم استغنيت بأقلامك عن سيوفك، بما حصل في قلوب الناس من هيبتك.
وقلوبٌ موطناتٌ على الرو ... ع كأن اقتحامها استسلام
الاقتحام: طرح النفس على الأمر من غير تأمل.
يقول: لهم قلوب قد وطنوها على الحرب، فكأن اقتحامهم استسلام. أي أنهم يسلمون أنفسهم للموت.
قائدو كل شطبةٍ وحصانٍ ... قد براها الإسراج والإلجام
الشطبة: الفرس الطويلة، وهي الأنثى. والحصان: الفرس الكريم. الذكر فقط، وقد أفرد الضمير في قوله: قد براها وحقه أن يقول: براهما اكتفاء بأحد الوصفين. وتقديره: قائدو كل شطبة قد براها، وكل حصان قد براه. الإسراج والإلجام. يعني أن هذه الأفراس قد أنحفها الإسراج والإلجام.
يتعثرن بالرءوس كما مر ... بتاآت نطقه التمتام
يتعثرن: أي الخيل، وموضعه النصب على الحال. والتمتام: الذي يتردد لسانه في التاء والفأفاء: الذي يتردد لسانه في الفاء والألثغ: الذي يبدل الحروف، وهو الأرت أيضًا. والألكن: الذي يصب كلامه في قوالب الفارسية. وقبل التمتام: هو الذي يعجل في الكلام ولا يكاد يفهمك.
يقول: إنهم يقطعون رءوس الأعداء في الحرب، فتعثر خيلهم بالرءوس كما يعثر لسان التمتام عند نطقه بالتاء.
طال غشيانك الكرائه حتى ... قال فيك الذي أقول الحسام
الغشيان: الملابسة. والكرائه: جمع كريهةٍ، وهي الحرب.
يقول: طال ملازمتك الحروب وملابساتها، حتى أن السيف يقول مثل ما أقوله: أي لو كان له نطق لقال كذلك.
وكفتك التجارب الفكر حتى ... قد كفاك التجارب الإلهام
الإلهام: حصول العلم في القلب من غير استدلال.
يقول: إن التجارب أغنتك عن الفكر، ثم استمررت على فعل الصواب، حتى أغناك الإلهام عن التجارب.
فارسٌ يشتري برازك للفخ ... ر بقتل معتل معجل لا يلام
أي من يبارزك، يختار القتل للفخر، فلا يلام عليه ولا يعزل؛ لما يحصل له من نشر الذكر.
نائلٌ منك نظرةٌ ساقه الفق ... ر عليه لفقره إنعام
يقول: من ساقه الفقر إليك حتى ينال منك نظرة واحدة، فإن لفقره إنعام عليه! لأنك تجبر فقره لامحالة؛ فيكون فقره سببًا إلى حسن حاله وانتظام أحواله.
خير أعضائنا الرءوس ولكن ... فضلتها بقصدك الأقدام
يقول: إن الرءوس أفضل الأعضاء فينا؛ لما فيها من أنواع الحواس، غير أن الأقدام صارت أفضل منها؛ لقصدها إياك، وتقريب المسافة بيننا.
قد لعمري أقصرت عنك وللوف ... د ازدحامٌ وللعطايا ازدحام
خفت إن صرت ف يمينك أن تأ ... خذني في هباتك الأقوام
روى: ولعمري. يقول: أمسكت عن قصدك، والوفود مزدحمة؛ لأني خفت أن تهبني لبعضهم في جملة هباتك التي تهبها.
ومن الرشد لم أزرك على القر ... ب على البعد يعرف الإلمام
تم الكلام عند قوله: على القرب.
يقول: كان من الرشد ترك زيارتك على القرب؛ لأن الزيارة إذا كانت من بعدٍ كانت أوقع.
وعن ابن جنى قال: سألت المتنبي عن هذا؟ فقال. كنت بالقرب من الممدوح فلم أزره، فلما بعدت عنه زرته.
ومن الخير بطء سيبك عني ... أسرع السحب في المسير الجهام
الجهام: السحاب الذي أراق ماءه.
يقول: إن تأخر عطاياك عني كان خيرًا لي وأنفع؛ لأنه إذا تأخر كان أكثر، ولو كان سريعًا لكان قليلًا؛ لأن السحاب الجهام يكون أسرع سيرًا، ومع ذلك لا خير فيه، وإنما يكون المطر فيما يتثاقل في السير.
قل فكم من جواهر بنظام ... ودها أنها بفيك كلام
الود والوداد: المحبة والإرادة.
يقول: تكلم وأسمعنا حسن كلامك، فكم جواهر منظومة منيتها أن تكون في فمك كلامًا.
هابك الليل والنهار، فلو تن ... هاهما لم تجز بك الأيام
1 / 142