معلقات دس
المعلقات العشر وأخبار شعرائها
اصناف
أجارتنا إنا غريبان ها هنا
وكل غريب للغريب نسيب
ثم مات ودفن إلى جنب المرأة فقبره هناك. كذا قال أبو الفرج الأصبهاني وهو غلط محض؛ لأن عسيبا جبل بعالية نجد، وأنقرة من بلاد الروم، ولا يدل ضربه المثل بإقامة عسيب على أنه دفن به.
شيء من سيرته
وروي أن امرأ القيس آلى أن لا يتزوج امرأة حتى يسألها عن ثمانية وأربعة واثنتين، فجعل يخطب النساء، فإذا سألهن عن هذا قلن أربعة عشر، فبينا هو يسير في جوف الليل إذ هو برجل يحمل له ابنة صغيرة كأنها البدر في ليلة تمامه، فأعجبته فقال لها: يا جارية ما ثمانية وأربعة واثنتان؟ فقالت: أما ثمانية فأطباء الكلبة، وأما أربعة فأخلاف الناقة، وأما اثنتان فثديا المرأة. فخطبها إلى أبيها فزوجه إياها، وشرطت عليه أن تسأله ليلة بنائه بها عن ثلاث خصال، فجعل لها ذلك على أن يسوق إليها مائة من الإبل، وعشرة أعبد، وعشر وصائف، وثلاثة أفراس، ففعل ذلك. ثم إنه بعث عبدا له إلى المرأة، وأهدى إليها نحيا من سمن، ونحيا من عسل، وحلة من عصب، فنزل العبد ببعض المياه فنشر الحلة ولبسها، فتعلقت بشعرة، فانشقت وفتح النحيين فأطعم أهل الماء منهما فنقصا، ثم قدم على حي المرأة وهم خلوف، فسألها عن أبيها وأمها وأخيها، ودفع إليها هديتها، فقالت له: أعلم مولاك أن أبي ذهب يقرب بعيدا ويبعد قريبا، وأن أمي ذهبت تشق النفس نفسين، وأن أخي يراعي الشمس، وأن سماءكم انشقت، وأن وعاءيكما نضبا. فقدم الغلام على مولاه فأخبره فقال: أما قولها: «إن أبي ذهب يقرب بعيدا ويبعد قريبا.» فإن أباها ذهب يحالف قوما على قومه، وأما قولها: «ذهبت أمي تشق النفس نفسين.» فإن أمها ذهبت تقبل امرأة نفساء، وأما قولها: «إن أخي يراعي الشمس.» فإن أخاها في سرح له.
وكان امرؤ القيس مفركا لا تحبه النساء، ولا تكاد امرأة تصبر معه، فتزوج امرأة من طيئ فابتنى بها فأبغضته من ليلتها، وكرهت مكانها معه، فجعلت تقول: يا خير الفتيان أصبحت. فيرفع رأسه، فينظر فإذا الليل كما هو، فتقول: أصبح ليل. قال لها: قد علمت ما صنعت الليلة، وقد علمت أن ما صنعت من كراهية مكاني في نفسك، فما الذي كرهت مني؟ فقالت: ما كرهتك. فلم يزل بها حتى قالت: كرهت منك أنك خفيف العزلة ثقيل الصدر، سريع الإراقة، بطيء الإفاقة. وذهب قولها: «أصبح ليل.» مثلا يضرب في الليلة الشديدة التي يطول فيها الشر. حكى هذه القصة الميداني. وروي من غير هذا الوجه أنه لما جاور في طيئ نزل به علقمة الفحل التميمي، فقال كل واحد منهما لصاحبه: أنا أشعر منك فتحاكما إليها، فأنشد امرؤ القيس قصيدته التي مطلعها:
خليلي مرا بي على أم جندب
نقض لبانات الفؤاد المعذب
حتى مر بقوله:
فللسوط ألهوب وللساق درة
نامعلوم صفحہ