الشبهة الثالثة عشرة
قالوا: «كسر أبوه ثَنِيَّة النبي ﵌ (١)، وأكلتْ أمُّه كبدَ حمزة عم النبي ﵌».
الجواب:
لا ريب أن أبا سفيان بن حرب ﵁ كان - قبل إسلامه - قائد المشركين يوم أُحُد، وكُسرت ذلك اليوم ثنيّة النبي ﵌، كسرها بعض المشركين. لكن لم يقل أحد: إن أبا سفيان باشر ذلك، وإنما كسرها عُتبة بن أبي وقاص (٢)، ورُوِىَ أن هندًا أخذت كبد حمزة فلاكَتْها (٣)، فلم تستطع أن تبلعها فلفظتها (٤).
وإن صح ذلك فقد كان هذا قبل إسلامهما، ثم بعد ذلك أسلما وحسن إسلامهما، وهند كان النبي ﵌ يكرمها، والإسلام يَجُبٌّ ما قبله (٥).
وقد قال الله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ (الأنفال:٣٨).
(١) الثَنِيَّة: إحدى الأسنان الأربع التي في مقدَّم الفم، اثنتان من فوق واثنتان من تحت.
(٢) في سيرة ابن هشام (٣/ ٨٤) عن أبي سعيد الخدري أن عتبة بن أبي وقاص رمى رسول الله ﵌ يومئذ (يوم أحد) فكسر رباعيته اليمنى السفلى وجرح شفته السفلى.
وفي زاد المعاد (٣/ ١٩٧): «وكان الذي تولى أذاه ﵌ عمرو بن قمئة وعتبة بن أبي وقاص. وقيل: إن عبد الله بن شهاب الزهري، عم محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، هو الذي شجه».
(٣) اللَّوْكُ: أهْوَنُ المَضْغِ، أو مَضْغُ صُلْبٍ.
(٤) لفَظَتْها: رَمَتْها مِن فَمِها.
(٥) عن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ ﵁ قَالَ: «لَمَّا أَلْقَى اللهُ ﷿ فِي قَلْبِي الْإِسْلَامَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﵌ لِيُبَايِعَنِي فَبَسَطَ يَدَهُ إِلَيَّ فَقُلْتُ لَا أُبَايِعُكَ يَا رَسُولَ اللهِ حَتَّى تَغْفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي».قَالَ: فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﵌: «يَا عَمْرُو، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْهِجْرَةَ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا مِنْ الذُّنُوبِ، يَا عَمْرُو، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنْ الذُّنُوبِ» رواه الإمام أحمد وصححه الألباني). ورواه مسلم بلفظ «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلاَمَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ».