الثانية أن من احتج على صحة الوقف على الأولاد وتفضيل البعض لم يحتج إلا بقوله تليه حفصة ثم ذو الرأي وإنه يأكل بالمعروف وقد بينا معنى ذلك وأنه لم يبر أحدا وإنما جعل ذلك للولي عن عتبه في ذلك فإذا كان المستدل لم يجد عن الصحة إلا هذا تبين لك أن قولهم تصدق أبو بكر بداره على ولده وتصدق فلان وفلان وأن الزبير خص بعض بناته ليس معناه كما فهموا إذا قدموا البلد نزلوا تلك الدار لأنهم من أبناء السبيل كما يوقف الإنسان مسقاة ويتوضأ منها وينتفع بها هو وأولاده مع الناس وكما يوقف مسجدا ويصلي فيه وعبارة البخاري في صحيحه وتصدق أنس بدار فكان إذا قدم نزلها وتصدق الزبير بدوره واشترط للمردودة من بناته أن تسكنها فتأمل عبارة البخاري يتبين لك أن ما ذكر عن الصحابة مثل من وقف نخلا على المفطرين من الفقراء في هذا المسجد ويقول إن افطر أحد من ذريتي فليفطر معهم فأين هذا من وقف الجنف والإثم على أن هذه العبارة كلام الحميدي والحميدي في زمن القاضي أبي يعلي وأجمع أهل العلم على أن مراسيل المتأخرين لا يجوز الإحتجاج بها فمن احتج بها فقد خالف الإجماع لهذا لو فرضنا أنه يدل على ذلك فكيف وقد بينا معناه ولله الحمد
إذا تبين لك أن من أجاز الوقف على الأولاد والتفضيل لم يجد إلا حديث عمر وقوله ليس على منوليه جناح وأن الموفق وغيره ردوا على من احتج به تبين لك أن حديث عمر من أبين الأدلة على بطلان وقف الجنف والإثم وأما قوله لم يكن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذو مقدره إلا وقف فهل هذا يدل على صحة وقف الجنف والإثم وما مثله إلا كمن رأى رجلا يصلي في أوقات النهي فأنكر عليه فقال
ﵟأرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلىﵞ
ويقول إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون أو يذكر فضل الصلوات وكذلك مسألتنا إذا قلنا
ﵟيوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيينﵞ
ﵟولهن الربع مما تركتمﵞ
وغير ذلك أوقلنا إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث أو قلنا إن النبي صلى الله عليه وسلم غلظ القول فيمن تصدق بماله كله أو قلنا اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم وادعو علينا أن الصحابة وقفوا هل أنكرنا الوقف كأهل الكوفة حتى يحتج علينا بذلك
صفحہ 81