والمستحبات عاملا بأحكام علمه، متبعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هديه وطريقته، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، يحل ما أحله الله، ويحرم ما حرمه، ويكره ما كرهه.
قد طالع كتب الحديث ومر على الصحاح الستة سماعا، فاكتسب قلبه من المرور عليها التخلص من الكيفية الجاهلية ، والتكيف بالمحمدية، وأن يكون محبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يهتز قلبه عند ذكره، أكثر ما يهتز عند ذكر شيخه، يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر ، يضرب أصحابه إذا اجتمعوا بالنساء الأجنبيات أو واخوهن ، أو اتخذوا الصبي أخا ، وهو الذي يسمونه الحوار ، ويعرفهم أن الأنس بالنساء الأجانب والصبيان ليس من طريقة الرحمن، إنما هو من طريقة الشيطان، والسبب الموجب لذلك هيجان شهوة النكاح، ويعرفهم أن النظر إليهم زنا العين، (إن العين لتزني وإن اليد لتزني، وإن اللسان ليزني والفرج يصدق ذلك ويكذبه،، والشيخ إذا كان متبعا لله ورسوله يعلم ذلك، فيتبع قول الله عز وجل ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) فإذا كان الشيخ مخالفا لله، ولا ينهى أصحابه عن مخالفة الله عز وجل كيف يكون اتباعه والاجتماع به ? ومن شرط مشايخ الفقراء أن يكون قد صحح التوبة في بدايته، وصحح مقام الورع ومقام الزهد ومقام المحاسبة والرعاية ، ودخل في ميدان الخوف والرجاء فحينئذ يحق له أن يدخل في مقام الفقر، فلا يصح الفقر إلا لمن صحح هذه المقامات قبله ، وهي عبارة عن الفقر عما سوى الله ، ثم يدخل بعدها إلى مقام الغنا بالله وهو مقام الشكر ، ثم ينتقل إلى مقام التوكل فيصحه ، ثم إلى مقام الرضا فيصححه، ثم إلى مقام المحبة والمكاشفة، فحينئذ يصح له مشيخة الفقر، وأن يكون داعيا إلى طريقة الفقر.
ومن شرط الشيخ أن يتشبه بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجتهد هو وأصحابه على اتباع طريقهم والعمل بعملهم، والذي يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعمل السماع ولا يرقص فيه، ولا يدع أصحابه ينزلون النار، ولا يمسكون الحيات، فإن الصحابة كانوا أفضل الناس، وأعلم الناس، وأقرب الناس إلى الله، ورسوله سيد الأولين والآخرين بين
صفحہ 243