فصل
وإذا رأيتم شيخ السلوك جاهلا بأمر الله ونهيه، لا فقه عنده فيما يخصه من دين الله، ولا يسأل العلماء إذا نابته نائبة، أو يكون عالما مخالفا لعلمه، مفرطا في عمله، لم يحكم أساسه على التقوى والزهد ، يحب الدنيا والمال والمناصب ، يداهن العامة لحفظ منصبه، لا يأمرهم بمعروف ولا ينهاهم عن منكر، يتملقهم بالكلام والطعام ليحبوه ، يتقرب إلى أبناء الدنيا ويكرمهم لينال فتوحهم، يجالس غير أبناء جنسه أو يجري على لسانه الغيبة والنميمة والكذب والفضول والهذيان والهزليات والمضحكات، أو يتباهى بالنظر إلى الصور الملاح ، ولا يبالى بصحبة الأحداث ومعاشرتهم، أو يحضر السماعات، فيستمع المكروهات، من الدفوف والشبابات، أو يرقص على التصفيق والتوقيع في هذه الاجتماعات ، أو لا يبالي بما يأكله من الشبهات، فمثل هذا يكون بعيدا عن حفظ الخطرات بين يدي قيوم السموات وعالم الخفيات ، ويكون محجوب القلب عن الأحوال والكرامات ، فإن من خلط في الجوارح الظاهرة ، وأهمل المراعاة القلبية الباطنة ،كيف يتحقق بدعوى الحال? وعمله قد أبان عما به عن الصدق حال ، ومن أين لمثل هذا الإحاطة بالمشاهد الربانية ?، وكيف يعرف هذا الجمع والفرق ? ، والسكر والصحو? ، والفناء والبقاء ? والانفصال والاتصال? وهو في عبودية النفس الأمارة لم ينفصل عنها ولم يحكم سياسة الشرع عليها، ولم يذعن قلبه للشرع ولا لأحكامه ؟ فمثل هذا يتهم في سلوكه ، وصحبتة تقسي القلب ، وتفسد الوقت، ونعوذ بالله ممن يكون ممقوتا بدعوى الحال ، فينقلب سواد وجهه إلى الآخرة في المآل.
فصل
وأما ميزان شيخ الفقراء، أو علامة استقامته في طريقته ، أن يكون فقيها فيما يخصه من أمر دينه، يعلم فرائض الوضوء وسننها، وفرائض الصلاة وسننها، وأحكام الماء الطاهر والنجس وغير ذلك مما يخصه ، عالما بالواجبات والمندوبات
صفحہ 242