الثانية أن يكون الحر بينهم سجالًا، تارة لها اليد وتارة عليها اليد. فهذا الرجل من المجاهدين. فإن اخترمته المنية في هذه الحالة، فهو من الشهداء، لأنه مشغول بامتثال قوله ﷺ: " جاهدوا أهواءكم، كما تجاهدون أعداءكم "، وهذه الرتبة العليا للخلق، سوى الأنبياء والأولياء. الثالثة أن يغلب هواه فيصير مستوليًا عليه لا يقهره بحال من الأحوال. وهذا هو الملك الكبير، والنعيم الحاضر، والحرية التامة، والخلاص عن الرق. ولذلك قال ﵇: " ما من أحد إلا وله شيطان، ولي شيطان. وإن الله قد أعانني على شيطاني، حتى ملكته ". وقال في حق عمر: " ما سلك عمر فجًا، إلا وسلك الشيطان فجًا غيره ".
وهذا الآن مزلة قدم، فكم من إنسان يظن أنه نال هذه الرتبة، وهو في الحقيقة شيطان مريد، فإنه يتبع أغراضه، ولكن يتعلل لأغراضه أنها من الدين، وأن طلبه لها لأجل الدين، حتى رأيت جماعة اشتغلوا بالوعظ والتدريس، والقضاء والخطابة، وأنواع الرياسة، وهم فيه متبعون للهوى. ويزعمون أن باعثهم الدين ومحركهم طلب الثواب، ومنافستهم عليها من جهة الشرع،
1 / 241