فمتى كان الفارس حاذقًا وفرسه مروّضًا، وكلبه مؤدبًا معلمًا منقادًا، صار حرّيًا بالنجح. ومتى كان هو في نفسه أحمق، وكان الفرس جموحًا، والكلب عقورًا، فلا فرسه ينبعث تحته منقادًا، ولا كلبه يسترسل بإشارته مطيعًا، فهو خليق بأن يعطب، فضلًا عن أن ينال ما طلب.
بيان مراتب النفس في مجاهدة الهوى
والفرق بين إشارة الهوى والعقل:
إعلم أن للإنسان في مجاهدة الهوى ثلاثة أحوال: الأولى أن يغلبه الهوى، فيملكه ولا يستطيع له خلافًا، وهو حال أكثر الخلق، وهو الذي قال الله تعالى فيه: (أَرَأَيتَ مَنْ اتِّخَذَ إلههُ هَوَاه) . إذ لا معنى للإله إلا المعبود، والمعبود هو المتبوع إشارته. فمن كان تردده في جميع أطواره خلف أغراضه البدنية وأوطاره، فقد اتخذ إلهه هواه
1 / 240