المرتبة الثانية أن يحصل فيها جملة من المعقولات الأولية الضرورية، كحال الصبي المميّز المراهق للبلوغ، ويكون نحو هذه القوة للصبي بالإضافة إلى الكتابة بعد أن عرف الدواة والقلم والحروف المفردة دون المركبة، فإنه لم يكن كذلك في المهد إذ ليس فيه على الكتابة إلا قوة مطلقة بعيدة من الفعل، المرتبة الثالثة أن تحصل المعقولات الكسبية كلها بالفعل وتكون كالمخزونة عنده، فإذا شاء رجع إليها ومهما رجع تمكن منها. وحاله في العلوم حال الكاتب الحاذق الصانع الغافل عن الكتابة، فإنه مستعد لها بالقوة القريبة استعدادًا في غاية الكمال، وهذه نهاية الدرجة الإنسانية. ولكن في هذه الرتبة درجات لا تحصى، تختلف بكثرة المعلومات وبقلتها، وبشرف المعلومات وخستها، وبطريق تحصيلها وأنها تحصل بالإلهام الإلهي وبتعلم واكتساب، وإنه سريع الحصول أو بطيء الحصول. وفي هذا العلم تتباين منازل العلماء والحكماء الأولياء والأنبياء، وبحسب التفاوت فيه تتفاوت مناصبهم،
1 / 206