وجود، ويحتمل عنده عدمها، وعلم أن تعب شهر يوصله إليها، إن كان لها وجود، ثم يتنعم بها بقية عمره الذي يمكن أن يكون أقل من شهر، وأن يكون كثيرًا، تقاضاه عقله أن يحتمل التعب في ذلك الشهر ويستحقره، وإن كان معلومًا وعاجلًا، بالإضافة إلى ما يظنه وإن كان آجلًا ولم يكن مقطوعًا به. وإن كنت تظن صحته ظنًا غالبًا، ولكن بقي من نفسك تجويز صدق الأنبياء والأولياء وجماهير العلماء، ولو على بعد، فعقلك أيضًا يتقاضاك سلوك طريق الأمن، واجتناب مثل هذا الخطر العائل. فإنك لو كنت في جوار ملك وأمكنك أن تتعاطى في واحد من محارمه مثلًا عملًا من الأعمال، تظن ظنًا غالبًا أن يقع منه موقع الرضا، فيعطيك عليه خلعة ودينارًا، ويحتمل احتمالًا على خلاف الظن الغالب أنه يقع منه موقع السخط، فيتكّل بك ويفضحك، ويديم عقوبتك طول عمرك، أشار عليك عقلك بأن الصواب أن لا تقتحم هذا الخطر. فإنك إن فعلت وأصبت، فمزيته دينار لا يطول بقاؤه معك، وإن أخطأت فنكاله عظيم، يبقى معك طول عمرك، ليس تفي ثمرة صوابه بغائله خطئه. ولذلك إذا وجدت طعامًا وأخبرك جماعة بأنه مسموم، أو شخص واحد حاله دون حال نبي واحد، فضلًا عن أن يقدر
1 / 188