[منحة الخالق]
(بسم الله الرحمن الرحيم) الحمد لله الذي زين نحور هذه الأمة المحمدية بعقود شريعته الشريفة وسنة نبيه المرضية وقيض لها عبادا غاصوا في بحر رقائقها فاستخرجوا مكنون كنز دقائقها والصلاة والسلام على من هو السبب الأعظم في هذا المدد والوسيلة العظمى لكل أحد وعلى آله وأصحابه وتابعيه وأحزابه ذوي العلم والعرفان من رقوا في معراج الدارية لإيضاح طرق الهداية إلى غاية البيان (وبعد) فيقول محمد أمين المكنى بابن عابدين غفر الله تعالى ذنوبه وملأ من زلال العفو ذنوبه. آمين هذه حواش جعلتها سلكا لدرر البحر الرائق شرح كنز الدقائق فبدت عقود الجيد لمن هو إلى جيد معانيه مسارع ومسابق علقتها أولا على هامش صفحاته ثم جمعتها هنا لتكون تذكرة للعبد بعد وفاته فتحت بها مقفله وحللت بها معضله ولست أتعرض فيها غالبا إلا لما فيه إيضاح أو تقوية أو لما فيه بحث أو إشكال بعبارات تفك الأسر وتحل العقال، وإذ هو مشحون بالمسائل الفقهية والأدلة الأصولية فهو غني من ذلك عن الزيادة اللهم إلا أن يكون شيئا في ذكره عظيم إفادة ضاما إلى ذلك بعض أبحاث أوردها في النهر الفائق الفاضل المحقق الشيخ عمر على أخيه الشيخ الفقيه النبيه العلامة زين بن نجيم سديد الرأي والنظر وبعض ما كتبه على هذا الكتاب الشيخ خير الدين الرملي المفتي الحنفي تاركا لما وجهه علي قد خفي وأرجو ممن وقف على هذه العجالة أن يجعل عثراتي مقالة، فإن بضاعتي قليلة وفكرتي كليلة وسميت ذلك بمنحة الخالق على البحر الرائق وأسأله سبحانه وتعالى متوسلا إليه بمن صلاته عليه تتوالى أن يلهمني الصواب وأن يسلك بي سبيل السداد وأن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم موجبا للفوز العظيم نافعا به جل العباد وأن يمن علي وعلى والدي وأشياخي بالعفو التام وكما أحسن لي المبدأ يحسن لي الختام بحرمة نبيه - عليه الصلاة والسلام -.
(قوله: فالفقه لغة الفهم) أقول: وفي تحرير الدلالات السمعية لعلي بن محمد بن أحمد بن مسعود نقلا عن التنقيح الفقه لغة هو الفهم والعلم وفي الاصطلاح هو العلم بالأحكام الشرعية العلمية بالاستدلال ويقال فقه بكسر القاف إذا فهم وبفتحها إذا سبق غيره إلى الفهم وبضمها إذا صار الفقه له سجية. اه. رملي.
(قوله: واصطلاحا إلخ) الاصطلاح لغة الاتفاق واصطلاحا اتفاق طائفة مخصوصة على إخراج الشيء عن معناه إلى معنى آخر رملي (قوله: العلم بالأحكام الشرعية العملية) قال الرملي في بعض النسخ بعد العملية المكتسبة والظاهر أنها من زيادة بعض الكتبة يظهر ذلك من قوله الآتي، وقوله ومن أدلتها متعلق بالعلم إلخ تأمل. (قوله؛ لأن أدلته ظنية) اعترض عليه بأن الإجماع وما ثبت به قطعيان.
وأجيب بأن التعبير فيها بالظن تغليب أو بأن قطعيتهما بالنسبة إلينا، وأما بالنسبة إلى من صدر عنه من المجمعين فهو ظني مستند إلى إمارة وفي حواشي جمع الجوامع للعلامة ابن قاسم العبادي قال السيد بعد كلام أورده يلزم مما ذكر أن تكون الأحكام المعلومة من الأدلة القطعية أي القطعية الدلالة والثبوت كما أفصح به بعضهم خارجة عن الفقه فإما أن يختار أن الأدلة اللفظية لا تفيد إلا ظنا كما ذهب إليه بعضهم فكذا ما يتفرع عليها من الإجماع والقياس وإما أن يقال كل ما عليه دليل قطعي من الأحكام فهو مما علم
صفحہ 3