[منحة الخالق]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أعز العلم في الأعصار وأعلى حزبه في الأمصار، والصلاة على رسوله المختص بهذا الفضل العظيم وعلى آله الذين فازوا منه بحظ جسيم قال مولانا الحبر النحرير صاحب البيان والبنان في التقرير والتحرير كاشف المشكلات والمعضلات مبين الكنايات والإرشادات منبع العلى علم الهدى أفضل الورى حافظ الحق والملة والدين شمس الإسلام والمسلمين وارث لعلوم الأنبياء والمرسلين أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمد النسفي لما رأيت الهمم مائلة إلى المختصرات والطباع راغبة عن المطولات أردت أن ألخص الوفي بذكر ما عم وقوعه وكثر وجوده لتكثر فائدته وتتوفر عائدته فشرعت فيه بعد التماس طائفة من أعيان الأفاضل وأفاضل الأعيان الذين هم بمنزلة الإنسان للعين والعين للإنسان مع ما بي من العوائق (وسميته) بكنز الدقائق، وهو، وإن خلا عن العويصات والمعضلات فقد تحلى بمسائل الفتاوى والواقعات معلما بتلك العلامات وزيادة الطاء للإطلاقات والله الموفق للإتمام والميسر للاختتام
صفحہ 2
[منحة الخالق]
(بسم الله الرحمن الرحيم) الحمد لله الذي زين نحور هذه الأمة المحمدية بعقود شريعته الشريفة وسنة نبيه المرضية وقيض لها عبادا غاصوا في بحر رقائقها فاستخرجوا مكنون كنز دقائقها والصلاة والسلام على من هو السبب الأعظم في هذا المدد والوسيلة العظمى لكل أحد وعلى آله وأصحابه وتابعيه وأحزابه ذوي العلم والعرفان من رقوا في معراج الدارية لإيضاح طرق الهداية إلى غاية البيان (وبعد) فيقول محمد أمين المكنى بابن عابدين غفر الله تعالى ذنوبه وملأ من زلال العفو ذنوبه. آمين هذه حواش جعلتها سلكا لدرر البحر الرائق شرح كنز الدقائق فبدت عقود الجيد لمن هو إلى جيد معانيه مسارع ومسابق علقتها أولا على هامش صفحاته ثم جمعتها هنا لتكون تذكرة للعبد بعد وفاته فتحت بها مقفله وحللت بها معضله ولست أتعرض فيها غالبا إلا لما فيه إيضاح أو تقوية أو لما فيه بحث أو إشكال بعبارات تفك الأسر وتحل العقال، وإذ هو مشحون بالمسائل الفقهية والأدلة الأصولية فهو غني من ذلك عن الزيادة اللهم إلا أن يكون شيئا في ذكره عظيم إفادة ضاما إلى ذلك بعض أبحاث أوردها في النهر الفائق الفاضل المحقق الشيخ عمر على أخيه الشيخ الفقيه النبيه العلامة زين بن نجيم سديد الرأي والنظر وبعض ما كتبه على هذا الكتاب الشيخ خير الدين الرملي المفتي الحنفي تاركا لما وجهه علي قد خفي وأرجو ممن وقف على هذه العجالة أن يجعل عثراتي مقالة، فإن بضاعتي قليلة وفكرتي كليلة وسميت ذلك بمنحة الخالق على البحر الرائق وأسأله سبحانه وتعالى متوسلا إليه بمن صلاته عليه تتوالى أن يلهمني الصواب وأن يسلك بي سبيل السداد وأن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم موجبا للفوز العظيم نافعا به جل العباد وأن يمن علي وعلى والدي وأشياخي بالعفو التام وكما أحسن لي المبدأ يحسن لي الختام بحرمة نبيه - عليه الصلاة والسلام -.
(قوله: فالفقه لغة الفهم) أقول: وفي تحرير الدلالات السمعية لعلي بن محمد بن أحمد بن مسعود نقلا عن التنقيح الفقه لغة هو الفهم والعلم وفي الاصطلاح هو العلم بالأحكام الشرعية العلمية بالاستدلال ويقال فقه بكسر القاف إذا فهم وبفتحها إذا سبق غيره إلى الفهم وبضمها إذا صار الفقه له سجية. اه. رملي.
(قوله: واصطلاحا إلخ) الاصطلاح لغة الاتفاق واصطلاحا اتفاق طائفة مخصوصة على إخراج الشيء عن معناه إلى معنى آخر رملي (قوله: العلم بالأحكام الشرعية العملية) قال الرملي في بعض النسخ بعد العملية المكتسبة والظاهر أنها من زيادة بعض الكتبة يظهر ذلك من قوله الآتي، وقوله ومن أدلتها متعلق بالعلم إلخ تأمل. (قوله؛ لأن أدلته ظنية) اعترض عليه بأن الإجماع وما ثبت به قطعيان.
وأجيب بأن التعبير فيها بالظن تغليب أو بأن قطعيتهما بالنسبة إلينا، وأما بالنسبة إلى من صدر عنه من المجمعين فهو ظني مستند إلى إمارة وفي حواشي جمع الجوامع للعلامة ابن قاسم العبادي قال السيد بعد كلام أورده يلزم مما ذكر أن تكون الأحكام المعلومة من الأدلة القطعية أي القطعية الدلالة والثبوت كما أفصح به بعضهم خارجة عن الفقه فإما أن يختار أن الأدلة اللفظية لا تفيد إلا ظنا كما ذهب إليه بعضهم فكذا ما يتفرع عليها من الإجماع والقياس وإما أن يقال كل ما عليه دليل قطعي من الأحكام فهو مما علم
صفحہ 3
[منحة الخالق]
من الدين ضرورة وقد صرح في المحصول بخروج مثله عنه اه.
وجزم قبل ذلك بخروج ما علم من الأحكام ضرورة من الدين اه.
أي خروجها عن الفقه وعليه كلام الشارح الآتي حيث قال: وخرج بقيد الشرعية الأحكام المأخوذة من العقل إلخ قال ابن قاسم: بعد ما تقدم وبحث فيه بعضهم بأن تلك الأحكام ليست ضرورية بمعنى حصولها بلا دليل، فإن المجتهدين قد استنبطوها وحصلوها في أصلها عن أدلتها التفصيلية كوجوب الصلاة مثلا، فإنه مستنبط من قوله تعالى {أقيموا الصلاة} [الأنعام: 72] بل تلك الأحكام ضرورية بمعنى أنها اشتهرت حتى عدت من ضروريات الدين فلا يخرج ما علم من تلك الأحكام بقوله عن أدلتها. اه. وسيأتي لهذا تتمة فتبصر.
(قوله: فالأولى ما في التحرير من ذكر التصديق الشامل للعلم والظن) أي بناء على استعمال المنطقيين إياه مرادا به ما ذكر؛ لأنهم قسموا العلم بالمعنى الأعم إلى التصور والتصديق تقسيما حاصرا، ولكن ليس هذا مراد صاحب التحرير بل مراده به الإدراك القطعي سواء كان ضروريا أو نظريا صوابا أو خطأ فالتصديق كما قال شارحه: ابن أمير حاج جنس لسائر الإدراكات القطعية بناء على اشتهار اختصاص التصديق بالحكم القطعي كما في تفسير الإيمان بالتصديق بما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - من عند الله تعالى اه.
فهو غير ما اصطلح عليه المناطقة، ويدل على أن مراده ما ذكرنا أنه صرح بعده بأن الأحكام المظنونة ليست من الفقه إلا على الاصطلاح بأنه كله ظني أو الاصطلاح بأن منه ما هو قطعي ومنه ما هو ظني فهي ثلاثة هذان وما اختاره صاحب التحرير قال شارحه بعد كلام بقي الشأن في أي الاصطلاحات من هذه أحسن أو متعين ويظهر أن ما مشى عليه المصنف متعين بالنسبة إلى أن المراد بالفقيه المجتهد وأن الثالث أحسن إذا كان موضوعا بإزاء المدرك إلى آخر ما قاله وبه ظهر ما في كلام الشارح من عزوه ما ذكر للتحرير كما لا يخفى على نحرير (قوله: وأجاب عنه في التلويح بأنه إلخ) أقول: هو كذلك في شرح جمع الجوامع للعلامة جلال الدين المحلي وقد بسط السؤال والجواب محشيه الكمال ابن أبي شريف (قوله: والمحققون على أنه لا يراد بالحكم هنا خطاب الله تعالى إلخ) قال الرملي أقول: بل المراد النسبة التامة بين الأمرين التي العلم بها تصديق وبغيرها تصور؛ لأن الحكم لا يكون إلا كذلك على هذا كما تقدم (قوله: وخرج بقيد العملية الأحكام الشرعية الاعتقادية إلخ) .
اعلم أن الشارح تبع في ذلك الجلال المحلي في شرح جمع الجوامع حيث قال وخرج بقيد العملية العلم بالأحكام الشرعية العلمية أي الاعتقادية كالعلم بأن الله واحد وأنه يرى في الآخرة وزاد الشارح عليه العلم بوجوب الصلاة والصوم ولابن قاسم هنا كلام ينبغي ذكره ملخصا مع بعض زيادات تشير إلى كلام الشارح فنقول: اعلم أن الاعتقاد إدراك والحق في الإدراك أنه انفعال أو كيف لا فعل كما تقرر في محله، وإذا لم يكن فعلا فلا يكون عملا إلا على سبيل التجوز أو نظرا إلى أنه يعبر عنه بلفظ الفعل ويعد فعلا عرفا فيقال صدق وأدرك وعلم ونحو ذلك إذا تقرر ذلك فالاعتقاد مثل اعتقاد أن الجنة موجودة اليوم وأن الله تعالى
صفحہ 4
[منحة الخالق]
يرى في الآخرة تارة ينظر فيه في نفسه وحينئذ يكون خارجا عن حد الفقه بقوله: العملية بمعنى المتعلقة بكيفية عمل كما فسره به فيما سيأتي تبعا للمحلي؛ لأن هذا الاعتقاد، وإن صدق عليه أنه علم بحكم شرعي وذلك الحكم الشرعي هو ثبوت الوجود للجنة لكن ذلك الحكم ليس متعلقا بكيفية عمل؛ لأن الوجود كيفية للجنة والجنة ليست عملا وأيضا المراد بالكيفية الوجوب والحرمة وغيرهما بخلاف الوجود ونحوه وقس الباقي وتسمية هذا الحكم اعتقاديا كما أفاده الشارح لا ينبغي أن يكون لكونه يتعلق بالاعتقاد لظهور أنه ليس الأمر كذلك، فإن النسبة في قولنا الله تعالى يرى في الآخرة ليس متعلقها اعتقادا بل متعلقها الرؤية التي هي المحمول، وليست اعتقادا وكذا الإجماع حجة والإيمان واجب بل ينبغي أن يكون لكونه أمرا الغرض اعتقاده فمعنى كونه اعتقاديا أنه أمر يعتقد، وأما العلم بوجوب الصلاة والصوم ونحو ذلك فعلى ما قررنا يكون داخلا في حد الفقه، ولا يكون خارجا بالاعتقادية؛ لأن الحكم متعلق بكيفية عمل وتارة ينظر فيه باعتبار تعلق العلم بالحكم المتعلق بكيفيته، فإن اعتقادا أن الجنة موجودة اليوم مثلا له كيفية هي الوجوب والحكم المتعلق بتلك الكيفية هو ثبوت الوجوب لذلك الاعتقاد فالعلم بثبوت وجوب اعتقاد أن الجنة موجودة اليوم علم بحكم شرعي اعتقادي أي متعلق بكيفية اعتقاد، فإنه علم بثبوت الوجوب لذلك الاعتقاد، وذلك الثبوت حكم شرعي؛ لأنه استفيد من الشرع وذلك الوجوب كيفية لاعتقاد، وهو اعتقاد أن الجنة موجودة اليوم، فإن أريد بالعمل في قولهم العملية ما يشمل الاعتقاد ولو بمسامحة كما هو مقتضي كلام الشارح الآتي دخل في الفقه العلم بوجوب مثل هذه الاعتقادات؛ لأنه علم بحكم شرعي عملي أي متعلق بكيفية عمل كما تقرر وخرج عنه نفس هذه الاعتقادات إذ ليست علما بحكم شرعي عملي أي متعلق بكيفية عمل إذ ليست تلك الأحكام التي هي متعلق تلك الاعتقادات متعلقة بكيفية عمل كما تقرر وأما العلم بوجوب الصلاة والصوم فعلى كل يكون داخلا غير خارج كما تقرر، وإن أريد به ما يكون عملا وفعلا حقيقة خرج عن حد الفقه العلم بوجوب مثل هذه الاعتقادات أيضا إذ ليس الحكم فيها حينئذ عمليا أي متعلقا بكيفية عمل إذ صاحب تلك الكيفية، وهو الاعتقاد ليس عملا ولا يخرج نحو العلم بوجوب الصلاة والصوم كما قال الشارح لظهور أن صاحب تلك الكيفية التي هي الوجوب، وهو الصوم والصلاة فعل وعمل لكن ينافي هذا الوجه ما بعده على أنه يرد عليه حينئذ نحو تحريم ظن السوء بالغير بلا مسوغ شرعي، فإن العلم به من الفقه كما هو ظاهر مع أن الظن ليس من العمل على هذا التقدير اه ملخصا مع بعض زيادات مناسبة للمقام فليمعن النظر ذوو الأفهام.
والذي تحصل من هذا عدم خروج العلم بوجوب الصلاة والصوم عن حد الفقه بما ذكره على الاحتمالات السابقة كلها، وأما غيره من بقية الضروريات فيحتاج إلى العناية على أنه يلزم إخراج أكثر علم الصحابة - رضي الله عنهم - بالأحكام الشرعية للأعمال عن حد الفقه، فإنه ضروري لهم لتلقيهم إياه من النبي - صلى الله عليه وسلم - حسا ومن المعلوم بعد هذا فكذا ما يفضي إليه، وهذا يؤيد ما ذهب إليه العلامة النحرير ابن الهمام في كتابه التحرير على ما أشرنا إليه سابقا والله تعالى الموفق
صفحہ 5
[منحة الخالق]
(قوله للاحتراز عن علم الخلافي) هو المرء المنسوب إلى علم الخلاف يعني الجدل، وهو العارف بآداب البحث قال في شرح جمع الجوامع وخرج بقيد التفصيلية العلم بذلك المكتسب للخلافي من المقتضي والنافي المثبت بهما ما يأخذه من الفقيه ليحفظه عن إبطال خصمه فعلمه مثلا بوجوب النية في الوضوء لوجود المقتضى أو بعدم وجوب الوتر لوجود النافي ليس من الفقه اه.
والتمثيل بناء على مذهبه والمقتضي في الوضوء وجود العمل والنافي في الوتر كونها صلاة لا يؤذن لها كذا في بعض حواشيه، والمراد بالعمل الداخل تحت حديث «إنما الأعمال بالنيات» (قوله: ووضحه الكمال) يعني الكمال بن أبي شريف في حاشية جمع الجوامع لابن السبكي (قوله: كعلم جبريل والرسول - صلى الله عليه وسلم -) ؛ لأنه لا طريق إلى علمهما بأن ما أوحي إليهما هو كلامه تعالى وبأن المراد منه كذا إلا العلم الضروري بذلك بأن يخلق الله تعالى لهما علما ضروريا به فهو حاصل مع العلم بالأدلة لا مكتسب منها هذا أو قال بعض: محشي جمع الجوامع ولك أن تقول حيث آل الأمر إلى أن المراد بالعلم التهيؤ لزم ثبوت هذا المفهوم بأسره له - صلى الله عليه وسلم - وكذا جبريل - عليه السلام - اه.
قال العلامة ابن قاسم العبادي: في حواشيه عليه بعد نقله لذلك وأقول: لا يخفى قوة هذا الإشكال (قوله: الزاهد في الآخرة) نقل بعض الفضلاء
صفحہ 6
[منحة الخالق]
بدله عن الغزنوية الراغب في الآخرة (أقول) وهكذا رأيته في إحياء العلوم للإمام الغزالي (قوله: وفي الحاوي القدسي إلخ) هذا لا يناسب اصطلاح الفقهاء الذي هو في صدده بل هو معناه الأصولي فتدبر.
[كتاب الطهارة]
(قوله: والتركات) جمع تركة بالتاء المثناة الفوقية كما رأيته في المستصفى لا بالشين المعجمة؛ لأنها داخلة في الأمانات
صفحہ 7
[منحة الخالق]
(قوله: ومزجرة قطع البيضة) أي بيضة الإسلام رملي والذي في المستصفى خلع البيضة والمراد به الردة والعياذ بالله تعالى فبيضة الإسلام كلمة الشهادة سميت بذلك تشبيها لها ببيضة النعامة؛ لأنها مجمع الولد وكلمة الشهادة مجمع الإسلام وأركانه قال في المغرب والبيضة للنعامة وكل طائر ثم استعيرت لبيضة الحديد لما بينهما من الشبه الشكلي وقيل بيضة الإسلام للشبه المعنوي، وهو أنها مجتمعه كما أن تلك مجتمع الولد. اه.
(قوله؛ لأن النية كذلك) قال في النهر: لقائل أن يقول لا نسلم أن النية والطهارة لا يسقطان به بل قد يسقطان به أما النية ففي القنية من توالت عليه الهموم تكفيه النية بلسانه، وأما الطهارة فقد قالوا فيمن قطعت يداه إلى المرفقين ورجلاه إلى الكعبين، وكان بوجهه جراحة أنه يصلي بلا وضوء ولا تيمم ولا إعادة عليه في الأصح كما في الظهيرية فإذا اتصف بهذا الوصف بعد ما دخل الوقت سقطت عنه الطهارة بهذا العذر (قوله: وإنما كان التعليل بالجمع بين النجمين ضعيفا إلخ) قال في النهر أقول: غير خاف أن حرية الرقبة، وإن لم توجد لكن الفقد سببها والأصل فيها التنجيم فالظاهر أن يقال الجمع حقيقة إنما يكون في الأجسام وما ذكر من المعاني أو قد أمكن الحقيقي باعتبار أن كلا منهما كتب على نفسه أمرا يعني وثيقة جمع الحروف فيها؛ ولهذا قال الشارح بعد ذكر الضعيف أو؛ لأن كلا منهما يكتب وثيقة، وهذا أظهر
صفحہ 8
[منحة الخالق]
(قوله: بالزوال والمذكور) أي بزوال الحدث أو الخبث.
[سبب وجوب الطهارة]
(قوله: قبل دخول الوقت) الظاهر أن الصواب إسقاط أو إبدال لفظة قبل بلفظة بعد ليناسب ما بعده تأمل (قوله: وأجاب عنه العلامة السيرامي) أي عن دفع صاحب فتح القدير فهو تأييد للرد السابق وحاصله لزوم إفضاء الشيء إلى زوال نفسه وذلك باطل (قوله: لصلوات ما دام متطهرا) مع أن ظاهره أنه لا يكفيه ذلك بل كلما قام إلى الصلاة يلزمه الوضوء (قوله وظاهره أنه بدخول الوقت تجب الطهارة إلخ) قال الشيخ علاء الدين ابن الحصكفي في الدر المختار على تنوير الأبصار:.
واعلم أن أثر الخلاف يظهر في نحو التعاليق نحو إن وجب عليك طهارة فأنت طالق دون الإثم للإجماع على عدمه بالتأخير عن الحدث ذكره في التوشيح وبه اندفع ما في السراج من إثبات الثمرة من جهة الإثم بل وجوبها موسع بدخول الوقت كالصلاة فإذا ضاق الوقت صار الوجوب فيهما مضيقا هذه القولة قد ضرب عليها المؤلف بهامش البحر
صفحہ 9
[منحة الخالق]
(قوله: فالظاهر أن السبب هو الإرادة في الفرض والنفل) قال بعض الفضلاء: الأظهر ما ذكره العلامة قاسم في نكته من أن الصحيح من أنه وجوب الصلاة أو إرادة ما لا يحل إلا بها اه.
؛ لأن ما ذكر هنا يقتضي أن لا يأثم على ترك الوضوء إذا خرج الوقت ولم يرد الصلاة الوقتية فيه بل على تفويت الصلاة فقط وأنه إذا أراد صلاة الظهر مثلا قبل دخول وقتها أن يجب عليه الوضوء قبل الوقت وكلاهما باطل اه. فتأمل.
[أركان الطهارة]
(قوله: وهي تنقسم إلى شروط وجوب وشروط صحة إلخ) وقد نظمت ذلك بقولي
شروط الوجوب تسعة تمام ... العقل والبلوغ والإسلام
ونفي حيض وانتفا النفاس ... وحدث وضيق وقت الناس
ومطلق الماء الطهور الكافي ... وقدرة استعماله الموافي
وشروط صحة وذاك أربع ... فقد النفاس ثم حيض يقطع
وأن يعم الماء كل الأعضا ... ثم انتفاء ما يفيد النقضا
(قوله: فرض الوضوء إلخ) أقول: قال الرملي في شرح المنهاج وليس من خصوصيات هذه الأمة كما أفتى به الوالد - رحمه الله تعالى -، وإنما الخاص بها الغرة والتحجيل اه.
وقال شيخ شيخنا ابن قاسم في حاشيته على شرح المنهج لشيخ الإسلام: الوضوء من خصائص هذه الأمة قاله الحليمي ونوزع بما ورد هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي والأصل فيما ثبت في حق الأنبياء أن يثبت في حق أممهم وقال شيخنا ابن حجر إنه من خصائص هذه الأمة بالنسبة لبقية الأمم لا لأنبيائهم لكن ينافيه ما في البخاري من قصة سارة أن الملك لما هم بالدنو منها قامت تتوضأ وتصلي ومن قصة جريج الراهب أنه قام فتوضأ وصلى وقد يجاب بأن الذي اختصت به هذه الأمة هذا الوضوء والمخصوص ومنه الغرة والتحجيل كما في مسلم اه.
ويمكن أن يجاب أيضا بأن المراد فيما ذكر الوضوء اللغوي تأمل فربما رجع حاصل هذا للأول. اه. رملي
(قوله: وأما في الاصطلاح ففي التحرير الفرض ما قطع بلزومه إلخ) قال في النهر: وعرفه بعضهم بأنه ما ثبت بدليل قطعي لا شبهة فيه، وهو ليس بمانع لشموله بعض المباحات والنوافل الثابتين بدليل لا شبهة فيه كقوله تعالى {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} [النور: 33] {وإذا حللتم فاصطادوا} [المائدة: 2] والمختار في تعريفه كما في شرح المنار أنه الحكم الذي ثبت بدليل قطعي واستحق تاركه كليا بلا عذر العقاب ويمكن حمل الثبوت في قول البعض ما ثبت بدليل إلخ على اللزوم فيكون التعريف مانعا فيندفع الإشكال اه.
قلت: وقد كتبت في حواشي شرح المنار للحصكفي أن ما ذكر خرج بقوله لا شبهة فيه، فإن شبهة نكرة في سياق النفي فعمت الشبهة ثبوتا ودلالة فلا بد في دليل الفرض من قطعيتهما وكونه كذلك فيما ذكر ممنوع، فإن المأمور به فيهما من منافعنا لا علينا وأنه يمكن دفعه من وجه آخر، وهو أن الضمير في ثبتت للفرضية بالمعنى اللغوي أي ما ثبتت قطعيته وما ذكر ثبت إباحته وندبه
صفحہ 10
[منحة الخالق]
(قوله: والظاهر من كلامهم في الأصول والفروع إلخ) ظاهره أن تسمية الفرض العملي فرضا حقيقية ويوافقه ما في شرح القهستاني حيث ذكر أن الفرض القطعي يقال على ما يقطع الاحتمال أصلا كحكم يثبت بمحكم الكتاب ومتواتر السنة ويسمى بالفرض القطعي ويقال له الواجب وعلى ما يقطع الاحتمال الناشئ عن دليل كما ثبت بالظاهر والنص والمشهور ويسمى بالظني، وهو ضربان ما هو لازم في زعم المجتهد كمقدار المسح ويسمى بالفرض الظني وما هو دون الفرض وفوق السنة كالفاتحة ويسمى بالواجب اه.
وكذا قال في النهاية إن الفرض نوعان قطعي وظني على زعم المجتهد اه.
ولا يخفى مخالفته لما أطبق عليه الأصوليون من أن الفرض ما ثبت بدليل قطعي لا شبهة فيه قال فخر الإسلام في أصوله الحكم إما أن يكون ثابتا بدليل مقطوع به أو لا والأول هو الفرض والثاني إما أن يستحق تاركه العقاب أو لا والأول هو الواجب إلخ ثم قال: وأما الفرض فحكمه اللزوم علما بالعقل وتصديقا بالقلب، وهو الإسلام وعملا بالبدن، وهو من أركان الشرائع ويكفر جاحده ويفسق تاركه بلا عذر
وأما حكم الوجوب فلزومه عملا بمنزلة الفرض لا علما على اليقين لما في دليله من الشبهة حتى لا يكفر جاحده ويفسق تاركه وهكذا في غير ما كتاب من كتب الأصول كالمغني والمنتخب والتنقيح والتلويح والتحرير والمنار وغيرها وفي التصريح ثم استعمال الفرض فيما ثبت بظني والواجب فيما ثبت بقطعي شائع مستفيض كقولهم الوتر واجب فرض وتعديل الأركان فرض ونحو ذلك يسمى فرضا عمليا وكقولهم الزكاة واجبة والصلاة واجبة ونحو ذلك فلفظ الواجب أيضا يقع على ما هو فرض علما وعملا كصلاة الفجر وعلى ظني هو في قوة الفرض في العمل كالوتر عند أبي حنيفة حتى يمنع تذكره صحة الفجر كتذكر العشاء وعلى ظني هو دون الفرض في العمل وفوق السنة كتعيين الفاتحة حتى لا تفسد الصلاة بتركها لكن يجب سجدة السهو. اه. (قوله: وحده) أي الدلك
صفحہ 11
[منحة الخالق]
(قول المصنف وإلى شحمتي الأذن) قال في النهر من عطف الجمل إذا لا يصح عطفه على قوله إلى أسفل ذقنه نهر (قوله: أي الوجه) تفسير لمرجع الضمير قال الرملي (فائدة) ذكر بعضهم الفرق بين التفسير بأي والتفسير بيعني أن التفسير بأي للبيان والتوضيح والتفسير بيعني لدفع السؤال وإزالة الوهم. اه.
وهذا أغلبي واصطلاح لبعض العلماء، وإلا فبعضهم لا يفرق بينهما كما في حواشي ابن قاسم على جمع الجوامع (قوله: والمراد بالخفيفة) تأويل لقول البدائع أو خفيفا لإيهامه عدم وجوب إيصال الماء إلى ما تحت التي ترى بشرتها كيف وقد ذكر في النهر أنه لا خلاف في وجوبه وفي قول البدائع؛ لأن ما تحته خرج أن يكون وجها إلخ إشارة إلى هذا التأويل (قوله: وظاهره أن مذهبه بخلافه) قال الرملي: وذلك؛ لأن لفظة عن دالة على أنه رواية عنه لا أنه قوله: وإلا لقال بدل عن وعند (قول المصنف ويديه بمرفقيه) قيل كان الأولى أن يقول ومرفقيه بيديه لما تقرر في النحو أن مدخول مع هو المتبوع تقول جاء زيد مع السلطان لا عكسه لكن نقل في الأطوال أن دخول مع شاع على المتبوع فما هنا إما أن يخرج على غير الشائع أو ينزل منزلة المتبوع لكمال العناية به مبالغة في الأنكار على المخالف
(قوله: وأشار المصنف إلى أن إلى في الآية بمعنى مع) أقول: إن كان المراد أن ذلك من عبارة المتن فهذه الإشارة في حيز المنع إذ كون الباء بمعنى مع في كلام المصنف لا يفهم منه أن إلى في الآية بمعناها حتى يرد الرد المذكور لاحتمال كونها باقية على معناها وأن ما فوق المرافق خارج بالإجماع على أنه لو قيل اغسل جسدك
صفحہ 12
[منحة الخالق]
إلى الترقوة مثلا لا يتوهم منه غسل الجميع بل الذي يتبادر إلى الفهم بحسب العرف أن المغسول ما تحتها لتعذر غسل ما فوقها دونها ودون ما تحتها إذ يحتاج إلى غاية التكلف فهو بدون الإجماع يفهم منه غسل الأيدي من رءوس الأصابع إلى المرافق لا من المنكب وحينئذ لا حاجة إلى تأويل إلى بمعنى مع نعم يبقى الكلام في الغاية وذاك شيء آخر فتأمله، فإني لم أر أحدا ذكره (قوله: ولو أخرج كان بمفهوم اللقب، وهو ليس بحجة) أي عندنا كغيره من المفاهيم على ما بين في محله خلافا لبعض الشافعية
وأقول: كيف يمكن إخراج غيره مع تنصيص الحكم على الكل حتى يقال إنه بمفهوم اللقب ويدفع بأنه ليس بحجة، فإن قولك اضرب القوم مع زيد لا يفهم منه أن غير زيد ليس مأمورا بضربه حتى عند من يقول بحجية مفهوم اللقب نعم لو قيل اضرب زيدا واقتصر المتكلم على ذلك جرى فيه الخلاف؛ لأنه تعليق الحكم بجامد كفي الغنم زكاة كما في التحريم فافهم (قوله: وما في غاية البيان إلى آخر هذا البحث) قال في النهر بعد نقله لذلك أقول: معنى الاحتياط هنا هو الخروج عن العهدة بيقين وما نسبه إلى الهداية سهوا، وإنما الذي فيها رد لقول زفر الغاية لا تدخل في المغيا أن هذه الغاية لإسقاط ما وراءها يعني فهي داخلة والجار متعلق باغسلوا على كل حال والنقض بمسألة اليمين أجاب عنه في فتح القدير بأن الكلام هنا في اللغة والأيمان مبينة على العرف نعم يرد النقض بمثل قرأت القرآن إلى سورة كذا والهداية إلى كتاب كذا، فإن الغاية فيهما لا تدخل تحت المغيا مع تناول الصدر لها وقوله والأولى إلخ مما لا حاجة إليه إذ الفروض العملية لا تحتاج في إثباتها إلى القاطع فيحتاج إلى الإجماع على أن قول المجتهد لا أعلم مخالفا لا يكون حكاية للإجماع الذي يكون غيره محجوجا به فقد قال الإمام اللامشي في أصوله لا خلاف أن جميع المجتهدين لو أجمعوا على حكم واحد ووجد الرضا من الكل نصا كان ذلك إجماعا فأما إذا نص البعض وسكت الباقون لا عن خوف بعد اشتهار القول فعامة أهل السنة أن ذلك يكون إجماعا وقال الشافعي - رحمه الله تعالى - لا أقول: إنه إجماع ولكن أقول: لا أعلم فيه خلافا وقال أبو هاشم من المعتزلة لا يكون إجماعا اه
صفحہ 13
[منحة الخالق]
(قوله: ولو ببلل باق بعد غسل) قال الرملي: أقول: قال ابن كمال باشا في الإصلاح والإيضاح وأما الذي بقي في العضو بعد الغسل فقال الحاكم الشهيد لا يجوز المسح به أيضا وخطأه عامة المشايخ لما ذكره محمد في مسح الخف إذا توضأ ثم مسح على الخف ببلة بقيت على كفه بعد الغسل جاز والصحيح ما قاله الحاكم فقد نص الكرخي في جامعه الكبير على الرواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله مفسرا معللا أنه إذا مسح رأسه بفضل غسل ذارعيه لم يجز إلا بماء جديد؛ لأنه قد تطهر به مرة والله تعالى أعلم وقد أخذه ابن الكمال من المجتبى شرح القدوري وفي التتارخانية برمز المحيط ولو في كفه بلل فمسح به رأسه أجزأه قال الحاكم الشهيد: هذا إذا لم يستعمل في عضو من أعضائه بأن غسل بعض أعضائه بأن يدخل يده في إناء حتى ابتلت أما إذا استعمله في عضو من أعضائه وبقي في كفه بلل لا يجوز وأكثرهم على أن ما قاله الحاكم الشهيد خطأ والصحيح أن محمدا أراد بذلك ما إذا غسل عضوا من أعضائه وبقي البلل في كفه يعني لا أنه أراد أن يدخل يده في إناء حتى تبتل كما زعمه الحاكم
(قوله: والآلة لم تقصد للإيصال) الأولى التعبير بالوصول ليصح التفريع عليه بما بعده (قوله: لم يجز مطلقا) أي سواء كان ذلك العضو مغسولا أم ممسوحا (قوله: وهو مردود بأوجه إلى قوله الرابع) أقول: في هذه الوجوه الثلاثة نظر:
أما الأول: فلأن عدم العرف لا يفيد مسح الكل لما سينقله عن التحرير أن الإلصاق المجمع عليه للباء ممكن فيثبت التبعيض اتفاقيا لعدم استيعاب الملصق
صفحہ 14
[منحة الخالق]
؛ ولأن قوله أو كان أي العرف أفاد بعضا مطلقا إلخ يقال عليه إن ذلك البعض المطلق الذي هو الواجب لا يدري مقداره وحينئذ لم ينتف الإجمال وحصوله في ضمن الاستيعاب لا ينفيه أيضا بل ينفي الحاجة إلى بيانه وإن أريد بإفادة البعض المطلق أنه يسقط الفرض بأي جزء كان، وإن قل كما هو مذهب الشافعي لم يبق في الآية دليل لنا أصلا.
والجواب عنه حينئذ كما قال بعض شراح الهداية لم يرد ذلك بل أريد بعض مقدر، وإلا كان حاصلا بغسل الوجه فلا يحتاج إلى إيجاب على حدة، فإن المفروض في سائر الأعضاء مقدر، فكذا في هذه الوظيفة
وأما الثاني؛ فلأن الرواية التي ذكرها في الهداية بعلى دون الباء فلا يعود النزاع على ذلك، وإنما يعود على رواية الباء، وأما الثالث؛ فلأن قوله لو لم يكن كذلك لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة في حيز المنع لما تقدم من حصول الواجب في ضمن الاستيعاب فتنتفي الحاجة به وكذا يقال في قوله؛ ولأن كان كذلك إلخ فافهم (قوله: وعزاها في النهاية إلى محمد - رحمه الله -) وعليه فما في معراج الدراية من أنها ظاهر المذهب محمول على أنه ظاهر الرواية عن محمد لا عن الإمام - رحمه الله - (قوله: ولو مسح بثلاث أصابع منصوبة غير موضوعة) أي ولا ممدودة والمراد بغير موضوعة أنه لم يضعها بتمامها على الرأس بأن مسح بأطرافها؛ لأن ذلك لا يبلغ مقدار ثلاث أصابع ولا مقدار الربع فلذا قال وينبغي أن يكون اتفاقا وقوله ولو مدها إلخ أي هذه الأصابع المنصوبة الغير الموضوعة بأن مسح بأطرافها ومدها مقدار ثلاث أصابع أو مقدار الربع لم يجز بقي ما إذا وضع
صفحہ 15
[منحة الخالق]
ثلاث أصابع ومدها حتى بلغ القدر المفروض قال في الفتح لم أر فيه إلا الجواز اه.
واعترضه في النهر بقول البدائع ولو مدها حتى بلغ القدر المفروض لم يجز إلى آخر ما نقله المؤلف هنا
وأقول: لا يخفى عليك أن الضمير في مدها للأصابع المنصوبة الغير الموضوعة كما علمت وكلام الفتح في الموضوعة فافهم (قوله: بل الصحيح أن لا خلاف) ؛ لأن الذي فيه الخلاف بينهما ما إذا نوى المسح، وأما إذا لم ينو فلا خلاف فيه وقد علم أن الأولى أيضا الصحيح فيها أن قول محمد كقول أبي يوسف فقد حصل الاتفاق بينهما في المسألتين بناء على هذا التصحيح فذكر الخلاف بينهما على غير الصحيح (قوله: وإن جاز فيه وجه آخر) أقول: ويجوز فيه وجه آخر وهو أن يكون معطوفا على وجهه فيكون المعنى وغسل لحيته فيوافق الرواية المرجوع إليها، وإن كان المتبادر خلافه فيندفع العجب عنه ويحتمل أن يصححه هنا، وإن اختار في الكافي غيره كما وقع لقاضي خان فإنه صحح في فتاواه مسح كلها وصحح في شرحه للجامع الصغير مسح ما يلاقي البشرة فتأمل والله تعالى أعلم بالصواب اه.
(قوله: وهذا كله في غير المسترسل) المراد باسترسل ما خرج عن دائرة الوجه، وهو غير الملاقي؛ لأن الملاقي ما كان غير خارج عن دائرة الوجه كذا في شرح الدرر والغرر للعلامة الشيخ إسماعيل النابلسي (قوله: والعارض ما بينهما وبين العذار إلخ) قال الرملي أي فيسمى الشعر النابت على الخدين إلى العظم الناتئ بقرب الأذن عارضا والنابت على العظم الناتئ بقرب الأذن عذارا.
[سنن الوضوء]
(قوله: كأخبار الآحاد التي مفهومها قطعي الدلالة)
صفحہ 16
[منحة الخالق]
تمثيل لقوله هو ما كان ظني الثبوت قطعي الدلالة؛ لأن الذي بمنزلة عكسه، وهو قطعي الثبوت ظني الدليل وأخبار الآحاد ليس كذلك تأمل (قوله: وإنشاد الشعر) قال سيدي العارف بالله تعالى عبد الغني النابلسي في شرحه على هدية ابن العماد.
اعلم أن الشعر ثلاثة أنواع مباح ومثاب عليه ومنهي عنه؛ لأنه لا يخلو من أن يكون مشتملا على أوصاف المخلوقات الحسنة كالإنسان والحيوان والنباتات والمعادن ونحو ذلك أو على الأوصاف القبيحة في الإنسان ونحوه، وهو المسمى بالهجو، وهو ما ينفر قلب الرجل عن أخيه المسلم، وهو المنهي عنه، فإن كان ذلك صدقا، فقد دخل في الغيبة، وإن كان كذبا فقد دخل في الكذب فيستحب الوضوء منه، وأما إذا كان مشتملا على الأوصاف الحسنة كذكر إنسان معين أو غير معين أو ذكر زهر أو روض معين أو غير معين فذلك دائر مع القصد والإرادة، فإن أراد بذلك اللهو والغفلة والغرور بزخارف الدنيا؛ ولذائذها فهو منهي عنه أيضا قال النبي - عليه الصلاة والسلام - «كل لهو ابن آدم حرام» الحديث وقد مدح ما لا يستوجب المدح، وهو عارض الدنيا القبيح المنتن فقد أصابته بسبب ذلك نجاسة معنوية فيستحب له إعادة الوضوء بإنشاد ذلك على هذا الوجه المذكور
وأما إن أراد بما ذكرنا بيان صنعة الله تعالى وعظيم حكمته وعجيب ما أظهرته قدرته على صفحات الأكوان من بدائع المخلوقات وغرائب المصنوعات فله إرادته ونيته قال - صلى الله عليه وسلم - «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» ، وهذا النوع من الشعر مثاب عليه، وأما المباح فهو أن لا يقصد شيا مما ذكرنا فظهر بذلك أن الشعر بمنزلة الكلام فحسنه حسن وقبيحه قبيح ولا تعد الاستعارات فيه ولا التشابيه ولا المبالغات من قبيل الكذب بعد أن يكون على حسب التفصيل الذي ذكرناه وأحسن المبالغات ما فيه شيء من أفعال المقاربة قال الله تعالى {يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار} [النور: 35] وقد ورد في مدح الشعر ما لا مزيد عليه من الأخبار وكذلك في ذمه اه.
وتمامه فيه (قوله: ومراده من الوضوء للنوم الوضوء عند إرادة النوم) هذا الذي يتبادر ويحتمل أن يراد الوضوء لاستيقاظه منه فيكون على تقدير مضاف وكل منهما صحيح إذ يندب الوضوء للنوم على طهارة والوضوء إذا استيقظ منه ليكون مبادرا للطهارة وأداء العبادة كما صرح به الشرنبلالي، وأما منع الشارح ذلك فغير مسلم إذ الوضوء الفرض إنما هو للصلاة أي إذا أرادها ولم يكن متوضئا (قوله: لشموله المباح) أي فيكون غير مانع، فإنه يصدق عليه أنه ثبت بقوله أو فعله - صلى الله عليه وسلم - وليس بواجب ولا سنة قال في النهر يعني بناء على ما هو المتصور عندهم من أن الأصل في الأشياء التوقف إلا أن الفقهاء كثيرا ما يلهجون بأن الأصل بالأشياء الإباحة فالتعريف بناء عليه اه.
قلت وفي التحرير للمحقق ابن الهمام الأصل الإباحة عند الجمهور من الحنفية والشافعية
صفحہ 17
[منحة الخالق]
(قوله: قيل إنه فرض وتقديمه سنة) الضمير في أنه يعود إلى غسل اليدين لا بقيد الابتداء بدليل قوله وتقديمه سنة (قوله: واستشكله في الذخيرة إلخ) قال العلامة الشيخ إسماعيل: الذي ينبغي حمل كلام السرخسي عليه هو عدم النيابة من حيث ثواب الفرض لو أتى به مستقلا قصدا إذا لسنة لا تؤديه ويؤيده اتفاقهم على سقوط الحدث بلا نية اه.
أقول: وعلى هذا فالظاهر أنه لا مخالفة بين الأقوال الثلاثة فالقائل بأنه فرض أراد أنه يجزي عن الفرض وأن تقديم هذا الغسل المجزي عن الفرض سنة وهو مؤدى القول بأنه سنة تنوب عن الفرض والسرخسي إمام جليل دقيق النظر لما رأى في الآية الأمر بغسل اليدين إلى المرفقين قال يعيد غسل الكفين عند غسل الذراعين ليكون آتيا بالمأمور به قصدا ليحصل له ثواب الفرض، وإن كان الفرض سقط بالغسل الأول لكنه سقط في ضمن الغسل المسنون فهو كسقوطه بالغسل بلا نية فلا ينوب مناب الغسل الكامل من كل جهة فيسن أن يعيد غسلهما لما قلنا ولهذا نقل في النهر عن الذخائر الأشرفية إن السنة عند غسل الذراعين أن يغسل يديه ثلاثا أيضا اه.
(قوله: والظاهر تقديم اليمنى على اليسرى لأجل التيامن) كان الظاهر أن يقول
صفحہ 18
[منحة الخالق]
لأجل الضرورة تأمل (قوله: وهو مزيل للخبث) أي فيرفع الماء بفيه ويغسل يديه من النجاسة، وإن صار الماء مستعملا؛ لأن المستعمل مزيل الخبث ثم يدخل أصابعه الإناء ليزيل الحدث وفي الذخيرة ذكر الحاكم الشهيد في المنتقى عن أبي يوسف في رجل أخذ بفمه ماء من الإناء فغسل به جسده أو توضأ به لم يجز ولو غسل به نجاسة من بدنه أجزاه، وفي متفرقات الفقيه أبي جعفر محدث معه ماء قليل وعلى بدنه نجاسة فأخذ الماء بفيه من غير أن ينوي غسل فيه ثم غسل به يديه قال على قول محمد لا تطهر يده، وهو إحدى الروايتين عن أبي يوسف؛ لأن الماء الذي أخذه بفيه خالطه البزاق وخرج عن أن يكون ماء مطلقا فالتحق بسائر المائعات غير الماء نحو الخل والمرق والدهن وماء الورد وفي غسل اليدين بسائر المائعات سوى الماء المطلق روايتان عن أبي يوسف في رواية يطهر كالثوب وفي رواية لا يطهر بخلاف الثوب وعن محمد رواية واحدة أن البدن لا يطهر بخلاف الثوب، فإنه يطهر بالإجماع اه.
(قوله: وقد يدفع) أي يدفع قوله ولا يجوز نسبة ترك الأفضل له - عليه السلام - والظاهر أن المراد به الترك دائما بدليل سابق الكلام فلا يرد الدفع المذكور تأمل (قوله: فخصت من عموم الذكر) أي الذي تستحب له الطهارة، وإنما خصت دون غيرها؛ لأن مطلق الذكر ليس من ضروريات الوضوء نعم يدخل في المخصوص بقية الأذكار للوضوء بقي هنا شيء، وهو أن التسمية إذا كانت مخصوصة مما ذكر تنتفي المعارضة التي ذكرها الطحاوي فيبقى الحديث مفيدا للوجوب فيعود المحذور تأمل
صفحہ 19
[منحة الخالق]
(قوله: وهو مبني على أن المراد به نفي الفضيلة) أي ما ذكره في معراج الدراية أو ما مر مبني على أن المراد بالحديث أعني «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» نفي الفضيلة مع أن ظاهره نفي الجواز فيفيد كونها فرضا لكن لكونه آحادا لا يفيدها فيحمل على الوجوب إلا لصارف فيحمل على السنية
(قوله: وإن أريد بظنها ما فيه احتمال ولو مرجوحا) أي فيدخل فيه احتمال نفي الكمال (قوله ولقائل أن يقول إن قوله) أي قول صاحب فتح القدير (قوله: ولا شك أنه مشترك) في دعوى الاشتراك بين المعنى الحقيقي والمجازي تأمل (قوله: لا أعلم فيها حديثا ثابتا) يعني بخصوصها، وإلا فهي مستفادة من الحديث الصحيح «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله أقطع» ويروى «أبتر» ويروى «أجذم» وأدنى ما فيه الدلالة على السنية، وهو المعتمد من المذهب الذي يعول عليه ويذهب (قوله: فإتيانه بها وعدمه سواء) قال الرملي أي من أنه لا يكون آتيا بالسنة أما أنه يأتي بها بعد غسل بعض أعضاء الوضوء فما في كلام الكمال والزيلعي ما يمنعه تأمل. اه. مقدسي
هذه لقوله ليست بخط المؤلف، وإنما هي من كلام ابنه بهامش البحر.
صفحہ 20
[منحة الخالق]
(قول المصنف والسواك) قال الرملي السواك من الشرائع القديمة الحديث فيه ضعيف ومجهول قال النووي فلعله اعتضد بطرق أخر، فصار حسنا أربع من سنن المرسلين وعد منها السواك اه.
ذكره ابن قاسم العبادي في شرحه على أبي شجاع الشافعي - رحمه الله - (قوله: ويجوز رفعه وجره، وهو الأظهر) نبه صاحب النهر على أنه سيأتي قريبا في بيان وقته ما يرجح أن الأظهر الأول فلا تغفل (قوله: وتعقبه في فتح القدير بأنه لم تعلم المواظبة منه على الوضوء) الأولى عند الوضوء كما هو في فتح القدير (قوله: وهو الحق) قال الرملي أقول: قال الحلبي في شرح المنية وقد عده القدوري والأكثرون من السنن، وهو الأصح لما ذكرنا في الشرح اه.
فقد علم بذلك اختلاف التصحيح (قوله: لكن قولهم يستحب عند القيام إلى الصلاة ينافي ما نقلوه إلخ) قال في النهر يمكن أن يجاب عنه بما نقله في السراج حيث قال: وأما إذا نسي السواك للظهر ثم تذكره بعد ذلك، فإنه يستحب له أن يستاك حتى يدرك فضيلته وتكون صلاته بسواك إجماعا. اه.
وهو في هذه الحالة مندوب للصلاة لا للوضوء وبه ظهر سر كلام الغزنوي اه.
وقد يقال إن ما نقلوه من أنه عندنا للوضوء مرادهم به بيان ما به أفضلية الصلاة التي بسواك على غيرها كما ورد في الحديث «صلاة بسواك أفضل من خمس وسبعين صلاة بغير سواك» وفي فتح القدير «أفضل من سبعين» وفائدته أنه لو لم يأت به في الوضوء لا تحصل تلك الأفضلية ولو أتى به عند الصلاة، فكونه عندنا للوضوء لا ينافي ذلك كما لا ينافي استحبابه عند غيره مما مر على أنه يبعد عدم استحبابه في الصلاة التي هي مناجاة للرب تعالى سيما عند بعد العهد من الوضوء مع ما فيها من قراءة القرآن التي يستحب استعماله عندها وحضور الملائكة عندها مع أنهم استحبوه عند مجامع الناس فبالأولى مع حضور الملائكة قال في هدية ابن العماد روى جابر - رضي الله تعالى عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «إذا قام أحدكم يصلي من الليل فليستك فإن أحدكم إذا قرأ في صلاته وضع ملك فاه على فيه لا يخرج من فيه شيء إلا دخل فم الملك» أسنده البيهقي في شعب الإيمان. اه.
صفحہ 21