[منحة الخالق]
تمثيل لقوله هو ما كان ظني الثبوت قطعي الدلالة؛ لأن الذي بمنزلة عكسه، وهو قطعي الثبوت ظني الدليل وأخبار الآحاد ليس كذلك تأمل (قوله: وإنشاد الشعر) قال سيدي العارف بالله تعالى عبد الغني النابلسي في شرحه على هدية ابن العماد.
اعلم أن الشعر ثلاثة أنواع مباح ومثاب عليه ومنهي عنه؛ لأنه لا يخلو من أن يكون مشتملا على أوصاف المخلوقات الحسنة كالإنسان والحيوان والنباتات والمعادن ونحو ذلك أو على الأوصاف القبيحة في الإنسان ونحوه، وهو المسمى بالهجو، وهو ما ينفر قلب الرجل عن أخيه المسلم، وهو المنهي عنه، فإن كان ذلك صدقا، فقد دخل في الغيبة، وإن كان كذبا فقد دخل في الكذب فيستحب الوضوء منه، وأما إذا كان مشتملا على الأوصاف الحسنة كذكر إنسان معين أو غير معين أو ذكر زهر أو روض معين أو غير معين فذلك دائر مع القصد والإرادة، فإن أراد بذلك اللهو والغفلة والغرور بزخارف الدنيا؛ ولذائذها فهو منهي عنه أيضا قال النبي - عليه الصلاة والسلام - «كل لهو ابن آدم حرام» الحديث وقد مدح ما لا يستوجب المدح، وهو عارض الدنيا القبيح المنتن فقد أصابته بسبب ذلك نجاسة معنوية فيستحب له إعادة الوضوء بإنشاد ذلك على هذا الوجه المذكور
وأما إن أراد بما ذكرنا بيان صنعة الله تعالى وعظيم حكمته وعجيب ما أظهرته قدرته على صفحات الأكوان من بدائع المخلوقات وغرائب المصنوعات فله إرادته ونيته قال - صلى الله عليه وسلم - «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» ، وهذا النوع من الشعر مثاب عليه، وأما المباح فهو أن لا يقصد شيا مما ذكرنا فظهر بذلك أن الشعر بمنزلة الكلام فحسنه حسن وقبيحه قبيح ولا تعد الاستعارات فيه ولا التشابيه ولا المبالغات من قبيل الكذب بعد أن يكون على حسب التفصيل الذي ذكرناه وأحسن المبالغات ما فيه شيء من أفعال المقاربة قال الله تعالى {يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار} [النور: 35] وقد ورد في مدح الشعر ما لا مزيد عليه من الأخبار وكذلك في ذمه اه.
وتمامه فيه (قوله: ومراده من الوضوء للنوم الوضوء عند إرادة النوم) هذا الذي يتبادر ويحتمل أن يراد الوضوء لاستيقاظه منه فيكون على تقدير مضاف وكل منهما صحيح إذ يندب الوضوء للنوم على طهارة والوضوء إذا استيقظ منه ليكون مبادرا للطهارة وأداء العبادة كما صرح به الشرنبلالي، وأما منع الشارح ذلك فغير مسلم إذ الوضوء الفرض إنما هو للصلاة أي إذا أرادها ولم يكن متوضئا (قوله: لشموله المباح) أي فيكون غير مانع، فإنه يصدق عليه أنه ثبت بقوله أو فعله - صلى الله عليه وسلم - وليس بواجب ولا سنة قال في النهر يعني بناء على ما هو المتصور عندهم من أن الأصل في الأشياء التوقف إلا أن الفقهاء كثيرا ما يلهجون بأن الأصل بالأشياء الإباحة فالتعريف بناء عليه اه.
قلت وفي التحرير للمحقق ابن الهمام الأصل الإباحة عند الجمهور من الحنفية والشافعية
صفحہ 17